للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء، فسبق لسانه إلى غيره. وقال الحنفية (١):انعقدت الكفارة؛ لأن يمين اللغو التي لاحكم لها أصلاً ولا كفارة لها: هي أن يخبر عن الماضي أو عن الحال، على الظن أن المخبر به كما أخبر، وهو بخلافه في النفي أو الإثبات (٢). كمن قال: «والله مادخلت هذه الدار» وفي ظنه أنه كذلك، والأمر بخلافه، أو رأى طيراً من بعيد، فظن أنه غراب، فحلف، فإذا هو حمام، ويمين اللغو عند الجمهور: هي اليمين التي تجري على لسان الحالف (سواء كان في الماضي أو الحال أو المستقبل) من غير قصد اليمين، كأن يقول: لا والله، أو بلى والله، أو كان يقرأ القرآن، فجرى على لسانه اليمين.

والحاصل أن الحنفية يقولون: لا لغو في المستقبل، بل اليمين على أمر في المستقبل تعتبر يميناً منعقدة، وتجب فيها الكفارة إذا حنث الحالف، سواء قصد اليمين أو لم يقصد، وإنما تختص يمين اللغو في الماضي أو الحال فقط، بحسب الظن من الحالف أن الأمر كما حلف، والحقيقة بخلاف ذلك.

هذا في اليمين بالله تعالى، وأما في الطلاق والعتاق والإيلاء فيقع قضاء لا ديانة، أي أنه لم يتعلق به شيء باطناً، ويديَّن بذلك فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يقبل كلامه في الظاهر والقضاء، لتعلق حق الغير به.

جـ ـ إن قصد بالطلاق أو العتق معنى آخر غير معناه الشرعي، كلفظ الطلاق أراد به الطلاق من وثاق، أو يقصد ضم شيء إليه يرفع حكمه، لم يقبل منه قضاء، ويديَّن فيما بينه وبين الله تعالى، فيعمل بما قصده. قال الفوراني في الإبانة: الأصل أن كل من أفصح بشيء وقبل منه، فإذا نواه، قبل فيما بينه وبين الله تعالى


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص ٧
(٢) البدائع: ٣/ ٣ - ٤. دون الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>