للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قسم السبكي وغيره من العلماء الذي يقع في النفس من قصد المعصية خمس مراتب:

الأولى ـ الهاجس: وهو ما يُلقى في النفس، وهذا لا يؤاخذ به إجماعاً لأنه ليس من فعله، وإنما هو شيء ورد عليه لا قدرة له فيه ولا صنع.

الثانية ـ الخاطر: وهو ما يجري في النفس، وكان الإنسان قادراً على دفعه، كصرف الهاجس أول وروده. وهذا لا مؤاخذة فيه أيضاً.

الثالثة ـ حديث النفس: وهو ما يقع في النفس من التردد، هل يفعل أو لا؟ وهذا لا إثم فيه أيضاً، بنص الحديث السابق، وإذا ارتفع حديث النفس، ارتفع ما قبله با لأولى.

وهذه المراتب الثلاث لو كانت في الحسنات لم يكتب له بها أجر، لعدم القصد.

الرابعة ـ الهمّ: وهو ترجيح قصد الفعل، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الهم بالحسنة يكتب حسنة، والهمّ بالسيئة لا يكتب سيئة (١)، وينظر: فإن تركها لله تعالى كتبت حسنة، وإن فعلها كتبت سيئة واحدة. والأصح في معناه أنه يكتب عليه إثم الفعل وحده، وأن الهمَّ مرفوع.

الخامسة ـ العزم: وهو قوة القصد والجزم به، والمحققون على أنه يؤاخذ به.


(١) رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس بلفظ: «إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عَشْرَ حسنات، إلى سبع مئة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن همَّ بسيئة، فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة».

<<  <  ج: ص:  >  >>