للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشهيد عند المالكية والشافعية: هو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا (١).

وقاتل نفسه كغيره في الغسل والصلاة عليه، لحديث: «الصلاة واجبة على كل مسلم براً كان أو فاجراً، وإن عمل الكبائر» (٢). هذا رأي الجماهير، لكن مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي: لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه، بدليل ماروى مسلم عن جابر بن سمرة قال: أتي النبي صلّى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقِص ـ سهام عراض ـ فلم يصل عليه.

وقال الحنابلة (٣): الشهيد: هو من مات بسبب القتال مع الكفار وقت قيام القتال، أو هو المقتول بأيدي العدو من الكفار، أو البغاة، أو المقتول ظلماً، ولو كان غير مكلف رجلاً أو امرأة. أو كان غالاًّ (خائناً): كتم من الغنيمة شيئاً. ومن عاد إليه سلاحه فقتله فهو كالمقتول بأيدي العدو، لكن تشترط الطهارة من الحدث الأكبر كالحنفية، فمن قتل جنباً غسل. كذلك يغسل ويصلى عليه من حمل وبه رمق أي حياة مستقرة، وإن كان شهيداً.

ودليلهم على غير المكلف: عموم حديث جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلم «أمر بدفن قتلى أحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم» (٤)، وقد كان في شهداء أحد حارثة بن النعمان، وهو صغير، وليس هذا خاصاً بهم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم علل ذلك


(١) روى البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الرجل: يقاتل شجاعة، ويقاتل حميّة، ويقاتل رياءً، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا» (جامع الأصول:١٩٤/ ٣).
(٢) رواه البيهقي، وقال: هو أصح ما في الباب إلا أن فيه إرسالاً والمرسل حجة إذا اعتضد بأحد أمور، منها قول أكثر أهل العلم، وهو موجود هنا.
(٣) المغني:٥٢٨/ ٢ - ٥٣٥، كشاف القناع:١١٣/ ٢ - ١١٥.
(٤) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>