للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة (١): الأفضل مقارنة النية للتكبير، فإن تقدمت النية على التكبير بزمن يسير بعد دخول الوقت في أداء فريضة وراتبة، ولم يفسخها، وكان ذلك مع بقاء إسلامه، بأن لم يرتدّ، صحت صلاته؛ لأن تقدم النية على التكبير بزمن يسير لا يخرج الصلاة عن كونها منْوية، ولا يخرج الفاعل عن كونه ناوياً مخلصاً، ولأن النية من شروط الصلاة، فجاز تقدمها كبقية الشروط، وفي طلب المقارنة حرج ومشقة، فيسقط لقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج:٧٨/ ٢٢]، ولأن أول الصلاة من أجزائها، فكفى استصحاب النية فيه كسائرها.

والخلاصة: يجب أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام، لكن الشافعية أوجبوا أن تكون النية مقارنة للتكبير، ومقترنة بكل التكبير؛ لأن التكبير أول أفعال الصلاة، فيجب اقتران النية به كالحج وغيره، وأجاز باقي المذاهب (الجمهور) تقدم النية على التكبير بزمان يسير، فإن تأخرت النية أو تقدمت بزمن كثير، بطلت بالاتفاق.

وكذلك قال الشافعي في الإمامة: إذا أحرم، إماماً كان أو منفرداً، نوى في حال التكبير، لا قبله ولا بعده. قال أصحاب الشافعي: لم يرد بهذا أنه لا يجوز أن تتقدم النية على التكبير، ولا تتأخر عنه، وإنما أراد الشافعي بقوله: «لا قبله» أنه لا يجوز أن ينوي قبل التكبير، ويقطع نيته قبل التكبير، وكذلك لم يرد بقوله: «ولابعده» أنه لا تجوز استدامتها بعد التكبير، وإنما أراد لو ابتدأ بالنية بعد التكبير لم تجزه، فإن نوى قبل التكبير، واستصحب ذكرها إلى آخر التكبير أجزأه، وكذلك لو استدام ذكرها بعد الفراغ من التكبير أجزأه، وقد أتى بأكثر مما يجب عليه، ولا يضره ذلك.


(١) كشاف القناع: ٣٦٧، طبع مكة، غاية المنتهى: ٥٤/ ١، ١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>