للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفريق الأول (١): من دخل في صوم التطوع أو في صلاة التطوع، لزمه إتمامه، فإن أفسده قضاه وجوباً، كما أنه إذا سافر عمداً فأفطر لسفره، فعليه القضاء، لأن المؤدى قربة وعمل صار لله تعالى، فتجب صيانته بالمضي فيه عن الإبطال، ولا سبيل إلى صيانة ما أداه إلا بلزوم الباقي، وإذا وجب المضي وجب القضاء، ولأن الوفاء بالعقد مع الله واجب، وحله حرام في كل عبادة يتوقف أولها على آخرها، لقوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد:٣٣/ ٤٧] وقال مالك: لا ينبغي أن يفطر من صام متطوعاً، إلا من ضرورة، وبلغني أن ابن عمر قال: من صام متطوعاً، ثم أفطر من غير ضرورة، فذلك الذي يلعب بدينه، وقياساً على النذر، فإن النفل ينقلب واجباً بالنذر، ويجب أداؤه، لكن ذكر الحنفية أنه إذا شرع متطوعاً في خمسة أيام: يومي العيدين وأيام التشريق، فلا يلزمه قضاؤها في ظاهر الرواية.

وقال الفريق الثاني (٢): من دخل في تطوع غير حج وعمرة كأن شرع في صوم أو صلاة أو اعتكاف أو طواف أو وضوء أو قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها، أو التسبيحات عقب الصلاة، فلا يلزمه إتمامه، وله قطعه، ولا قضاء عليه، ولا مؤاخذة في قطعه لكن يستحب له إتمامه، لأنه تكميل العبادة، وهو مطلوب، ويكره الخروج منه بلا عذر، لظاهر قوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد:٣٣/ ٤٧] وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه، ولما فيه من تفويت الأجر.


(١) اللباب شرح الكتاب: ١٧١/ ١ ومابعدها، فتح القدير: ٨٥/ ٢، ١٠٥، الدر المختار: ١٦٤/ ٢، شرح الرسالة لابن أبي زيد القيرواني: ٢٩٦/ ١، فواتح الرحموت: ١١٤/ ١، كشف الأسرار: ٦٣٢/ ١.
(٢) مغني المحتاج: ٤٣٧/ ١، ٤٤٨، كشاف القناع: ٤٠٠/ ٢، المغني: ١٥١/ ٣ ومابعدها، شرح المحلي على جمع الجوامع: ٦٩/ ١، غاية الوصول للأنصاري: ص ١٢، أصول الفقه الإسلامي للمؤلف، ١ص ٧٩ ومابعدها، ط ثانية بدار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>