والحنفية والحنابلة على وليه أمره به إذا أطاقه بعد بلوغه سبع سنين، وضربه حينئذ على الصوم بعد بلوغه عشر سنين، إذا تركه ليعتاده، كالصلاة، إلا أن الصوم أشق، فاعتبرت له الطاقة، لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيق الصيام.
وقال المالكية: لا يؤمر الصبيان بالصوم بخلاف الصلاة، فلا صيام على الصبيان حتى يحتلم الغلام وتحيض الفتاة، وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة.
فإذا بلغ الصبي أثناء اليوم أمسك عند الحنفية بقية اليوم، كما لو أسلم الكافر، وصام ما بعده من الأيام، لتحقق السببية والأهلية، ولم يقض اليوم الذي تأهل فيه، ولا ما مضى قبله من الشهر، لعدم الخطاب بعدم الأهلية له. ومن أغمي عليه في رمضان، لم يقض عند الحنفية اليوم الذي حدث فيه الإغماء، لوجود الصوم، وهو الإمساك المقرون بالنية، إذ الظاهر وجودها منه؛ لأن ظاهر حال المسلم في ليالي رمضان عدم الخلو عن النية. وقضى ما بعده من الأيام لانعدام النية. وإن أغمي عليه أول ليلة قضاه كله غير يوم تلك النية، لأن ظاهر حال المسلم نية الصوم.
ومن أغمي عليه رمضان كله، قضاه؛ لأنه نوع مرض يُضعف القُوى، ولا يزيل الحجا، فيصير عذراً في التأخير، لا في الإسقاط.
وإذا أفاق المجنون في بعض رمضان، قضى ما مضى منه؛ لأن السبب ـ وهو شهود الشهر ـ قد وجد، وأهلية نفس الوجوب بالذمة وهي متحققة بلا مانع، فإذا تحقق الوجوب بلا مانع، تعين القضاء. وإن استوعب الجنون جميع ما يمكنه فيه إنشاء الصوم، لا يقضي للحرج، بخلاف الإغماء؛ لأنه لا يستوعب الوقت عادة، وامتداده نادر، ولا حرج في ترتيب الحكم على ما هو من النوادر.