للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما سواها من البلدان، وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعة فيما سواها من البلدان».

وكذلك قال الشافعية (١): إنما يصح الاعتكاف في المسجد، سواء في سطحه أو غيره التابع له، والجامع (٢) أولى بالاعتكاف فيه من غيره، للخروج من خلاف من أوجبه، ولكثرة الجماعة فيه، وللاستغناء عن الخروج للجمعة. ويجب الجامع للاعتكاف فيه إن نذر مدة متتابعة فيها يوم الجمعة، وكان ممن تلزمه الجمعة، ولم يشترط الخروج لها.

والجديد أنه لايصح اعتكاف امرأة في مسجد بيتها: وهو المعتزل المهيأ للصلاة؛ لأنه ليس بمسجد بدليل جواز تغييره ومكث الجنب فيه، ولأن نساء النبي صلّى الله عليه وسلم ورضي عنهن كن يعتكفن في المسجد، ولو كفى بيوتهن لكان لهن أولى.

وإن نذر أن يعتكف في مسجد غير المساجد الثلاثة بعينه، جاز - كما قال الحنابلة - أن يعتكف في غيره؛ لأنه لا مزية لبعضها على بعض، فلم يتعين.

وإن نذر أن يعتكف في أحد المساجد الثلاثة (المسجد الحرام ومسجد المدينة والأقصى) تعين، ولزمه أن يعتكف فيه، لما روى عمر رضي الله عنه، قال: «قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: أوف بنذرك» (٣) ويقوم المسجد الحرام مقامهما لمزيد فضله عليهما وتعلق النسك به، ولا عكس، فلا يقومان مقام المسجد الحرام؛ لأنهما دونه في الفضل، ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى؛ لأنه أفضل منه، ولا عكس، لأنه دونه في الفضل.

والخلاصة: إن المالكية والشافعية يجيزون الاعتكاف في أي مسجد، والحنفية


(١) مغني المحتاج: ٤٥٠/ ١ ومابعدها، المجموع: ٥٠٨/ ٦ ومابعدها، المهذب: ١٩٠/ ١ ومابعدها.
(٢) سمي الجامع لجمعه الناس واجتماعهم فيه.
(٣) رواه البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>