للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة (١): المعتكف الذي لزمه تتابع الاعتكاف كمن نذر شهراً أو أياماً متتابعة ونحوه، لم يجز له الخروج من المسجد إلا لحاجة الإنسان أو لما لا بد له منه، أو لصلاة الجمعة، لحديث عائشة السابق: «السنة للمعتكف ألا يخرج إلا لما لا بد له منه» كحاجة الإنسان من بول وغائط وقيء بغتةً وغسل متنجس يحتاجه، والطهارة عند الحدث كغسل جنابة ووضوء لحدث؛ لأن الجنب يحرم عليه اللبث في المسجد، والمحدث لا تصح صلاته بدون وضوء.

ويخرج المعتكف ليأتي بمأكول ومشروب يحتاجه إن لم يكن له من يأتيه به. ولا يجوز خروجه لأجل أكله وشربه في بيته، لعدم الحاجة، لإباحة ذلك في المسجد، ولا نقص فيه.

ويخرج للجمعة إن كانت واجبة عليه؛ لأنه خروج لواجب فلم يبطل اعتكافه، كالمعتدة، أو شرط الخروج إليها، وإن لم تكن واجبة، للشرط، وله التبكير إليها؛ لأنه خروج جائز، فجاز تعجيله، كالخروج لحاجة الإنسان، وله إطالة المقام بعد الجمعة، ولا يكره لصلاحية الموضع للاعتكاف.

ويخرج لنفير متعين إن احتيج إليه؛ لأن ذلك واجب كالجمعة، ولشهادة تعيَّن عليه أداؤها، ولخوف من فتنة على نفسه أو حرمته، أو ماله نهباً أو حريقاً ونحوه كالغرق؛ لأنه عذر في ترك الواجب بأصل الشرع كالجمعة، ولمرض يتعذر معه المقام، أو لا يمكنه المقام معه إلا بمشقة شديدة، بأن يحتاج إلى خدمة فراش، ولا يبطل اعتكافه بخروجه لشيء مما تقدم للحاجة إليه.

ولا يجوز له الخروج إن كان المرض خفيفاً كصداع وحمى خفيفة ووجع ضرس؛ لأنه خروج لما له منه بد، فأشبه المبيت ببيته.


(١) المغني: ١٩١/ ٣ - ١٩٦، ٢٠٠ - ٢١٠، كشاف القناع: ٤١٤/ ٢ - ٤٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>