للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيلة مصرية، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» (١) والوسق ستون صاعاً، وهذا حديث خاص بهذه الزكاة، يجب تقديمه، وتخصيص عموم أدلة أبي حنيفة، كما خصص قوله: «في سائمة الإبل الزكاة» بقوله في نهاية هذا الحديث: «ليس فيما دون خمسة ذَوْد صدقة»،وقوله: «في الرِّقة العشر» بقوله «ليس فيما دون خمس أواق صدقة»، ولأنه مال تجب فيه الصدقة، فلم تجب في يسيره كسائر الأموال الزكائية، ولأن الصدقة تجب على الأغنياء، ولا يحصل الغنى بدون النصاب، كسائر الأموال الزكائية. وهذا هو الراجح لدي لصحة الحديث.

وإنما لم يعتبر الحول؛ لأنه يكمل نماؤه باستحصاده لا ببقائه، واعتبر الحول في غيره من الزكوات؛ لأنه مظنة لكمال النماء في سائر الأموال. والنصاب معتبر بالكيل، فإن الأوساق مكيلة، وكان الصاع مكيال أهل المدينة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم وقدره أربعة أمداد، والصاع خمسة أرطال وثلث رطل، والرطل (٦٧٥غم) وذكر الشافعية والحنابلة أنه يعتبر النصاب تمراً أو زبيباً إن تتمر وتزبب، لحديث مسلم «ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق» وإن لم يتتمر الرطب ولم يتزبب العنب، بأن لم يأت منه تمر ولا زبيب جيدان في العادة، أو كانت تطول مدة جفافه كسنة، اعتبر نصاباً رطباً وعنباً، فيوسق رطباً وعنباً؛ لأن ذلك وقت كماله. فيكمل به نصاب ما يجف من ذلك، وتخرج الزكاة من كل منهما في الحال؛ لأن ذلك أكمل أحوالهما.

ويعتبر الحب خمسة أوسق حال كونه مصفى من تبنه؛ لأنه لا يدخر فيه ولا يؤكل معه.

وأما ما ادخر في قشره كالأَرُزّ والعلس، فنصابه عشرة أوسق، اعتباراً بقشره


(١) رواه الجماعة عن أبي سعيد الخدري (نيل الأوطار: ١٤١/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>