للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إن سامت (رعت) بنفسها بدون أن يقصد مالكها ذلك، فلا زكاة فيها عند الحنفية، وفيها الزكاة عند الحنابلة.

والسائمة عند الشافعية: أن يرسلها صاحبها للمرعى في كلأ مباح في جميع الحول أو في الغالبية العظمى منه، ولا يضر علف يسير تعيش بدونه بلا ضرر بيِّن كيوم أو يومين؛ لأن الماشية تصبر اليومين ولا تصبر الثلاثة غالباً، فإن علفت معظم العام، أو في مدة لا تعيش بدونه، أو تعيش في تلك المدة ولكن بضرر بيِّن، فلا تجب زكاتها، لوجود المؤنة (النفقة والمشقة).

ولو سامت بنفسها، أوبفعل الغاصب أو المشتري شراء فاسداً، أو كانت عوامل في حَرْث ونَضْح (حمل الماء للشرب) ونحوه، فلا زكاة في الأصح، لعدم إسامة المالك، وإنما اعتبر قصده دون قصد الاعتلاف؛ لأن السوم يؤثر في وجوب الزكاة، فاعتبر فيه قصده، والاعتلاف يؤثر في سقوطها، فلا يعتبر قصده؛ لأن الأصل عدم وجوبها. وبذلك يشترط عند الشافعية: أن يكون كل السوم من المالك، فلا زكاة فيما سامت بنفسها أو أسامها غير المالك.

ومذهب المالكية (١): أن الزكاة تجب في الأنعام، سواء أكانت سائمة (راعية) أم معلوفة، أم عوامل، لعموم حديث أبي بكر المتقدم في الإبل: «في كل خمس شاة».

ومنشأ الخلاف بين الرأيين كما بين ابن رشد: معارضة المطلق للمقيد، ومعارضة دليل الخطاب للعموم، ومعارضة القياس لعموم اللفظ، أما المطلق فحديث: «في كل أربعين شاة شاة» وأما المقيد فحديث «في سائمة الغنم الزكاة»


(١) القوانين الفقهية: ص١٠٨، بداية المجتهد:٢٤٤/ ١، الشرح الكبير: ٤٣٢/ ١، الشرح الصغير:٥٩٢/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>