للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطنه مال، فهو بمنزلة الفقير؛ لأن الحاجة هي المعتبرة، وهو الآن فقير يداً، وإن كان غنياً ظاهراً، وإلا المؤلف والغازي في رأي الشافعية والحنابلة.

والفقر شرط عام لصرف جميع الصدقات المفروضة والواجبة كالعشور والكفارات والنذور وصدقة الفطر، لعموم قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء} [التوبة:٦٠/ ٩].

وعليه لا يجوز صرف الزكاة وغيرها من الواجبات لغني، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لاتحل الصدقة لغني، ولا ذي مِرّة سوي» (١) وجاز دفع الزكاة لأربعة أو خمسة من الأغنياء: وهم العامل، والمؤلف، والغازي، والغارم لإصلاح ذات البين عند الشافعية والحنابلة، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل، أو رجل اشتراها بماله، أوغاز في سبيل الله، أو لغارم، أو مسكين تُصدِّق عليه منها فأهدى منها لغني» (٢).

والغني عند الحنفية (٣): هو من ملك قدر نصاب فارغ عن حاجته الأصلية من أي مال. فيعطى من الزكاة من كان يملك أقل من نصاب شرعي، ولو كان صحيحاً قوياً قادراً على الكسب؛ لأنه فقير والفقراء هم المصارف، ولأن حقيقة الحاجة لا يوقف عليها، فأدير الحكم على دليلها وهو فقد النصاب، فلا بأس أن يعطى من الزكاة من له مسكن وما يتأثث به في منزله وخادم وفرس وسلاح وثياب البدن،


(١) رواه أبو داود والترمذي من حديث عمرو بن العاص. والمرّة: القوة والشدة، والسوي: المستوي الخلْق، التام الأعضاء.
(٢) رواه أبو داود وابن ماجه.
(٣) الدر المختار: ٨٨/ ٢،٩٦، البدائع: ٤٨/ ٢، فتح القدير: ٢٧/ ٢ ومابعدها، قالوا: لو دفع الزكاة إلى أخته، ولها على زوجها مهر يبلغ نصاباً، وهو ملي مقر، ولو طلبت لا يمتنع عن الأداء، لا تجوز، وإلا جاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>