للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يبعث الإمام إلا ساعياً حراً عدلاً ثقة؛ لأن هذا ولاية وأمانة، والعبد والفاسق ليسا من أهل الأمانة والولاية. ولا يبعث إلا فقيهاً؛ لأنه يحتاج إلى معرفة ما يؤخذ وما لا يؤخذ، ويحتاج إلى الاجتهاد فيما يعرض له من مسائل الزكاة وأحكامها.

وهناك آية تجيز لأرباب الأموال دفع الزكاة بأنفسهم إلى المستحقين وهي قوله تعالى: {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} [المعارج:٢٤/ ٧٠ - ٢٥] لأنه إذا كان ذلك الحق حقاً للسائل والمحروم، وجب أن يجوز دفعه إليهما مباشرة.

وعملاً بما دلت عليه الآيات فصل العلماء في بيان تفرقة الزكاة.

أـ فإن كان مال الزكاة خفياً أو باطناً: وهو الذهب والفضة وأموال التجارة في مواضعها، جاز للمالك أن يفرقها بنفسه، أو أن يدفعها إلى الإمام، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم طالب بزكاته، وتبعه في ذلك أبو بكر وعمر، ثم طالب بها عثمان لمدة، ولما كثرت أموال الناس ورأى أن في تتبعها حرجاً على الأمة، فوض الأداء إلى أربابها. ودفعها إلى الإمام لأنه نائب عن الفقراء، فجاز الدفع إليه كولي اليتيم، ولأن الإمام أعلم بمصارفها، ودفعها إليه يبرئه ظاهراً وباطناً، لاحتمال أن يكون غير مستحق لها، ولأنه يخرج من الخلاف وتزول التهمة عنه.

ب ـ وإن كان مال الزكاة ظاهراً: وهو المواشي والزروع والثمار والمال الذي يمر به التاجر على العاشر، فيجب عند الجمهور منهم الحنفية والمالكية (١) دفعها إلى الإمام، فإن فرقها بنفسه، لم يحتسب له ما أدى، لقوله تعالى: {خذ من أموالهم


(١) البدائع: ٣٥/ ٢، الشرح الصغير: ٦٧٠/ ١، القوانين الفقهية: ص١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>