للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاملات لا يأخذون بنظرية السبب أو الباعث لأن فقههم ذو نزعة موضوعية بارزة كالفقه الجرماني، والسبب أو الباعث الذي يختلف باختلاف الأشخاص عنصر ذاتي داخلي قلق يهدد المعاملات.

ولا تأثير للسبب أو للباعث على العقد إلا إذا كان مصرحاً به في صيغة التعاقد، أي تضمنته الإرادة الظاهرة، كالاستئجار على الغناء والنوح والملاهي وغيرها من المعاصي. فإذا لم يصرح به في صيغة العقد، بأن كانت الإرادة الظاهرة لا تتضمن باعثاً غير مشروع، فالعقد صحيح لا شتماله على أركانه الأساسية من إيجاب وقبول وأهلية المحل لحكم العقد، ولأنه قد لا تحصل المعصية بعد العقد، ولا عبرة للسبب أو الباعث في إبطال العقد، أي أن العقد صحيح في الظاهر، دون بحث في النية أو القصد غير المشروع، لكنه مكروه حرام، بسبب النية غير المشروعة، نظراً لاستكمال العقد أركانه وشروطه المطلوبة شرعاً في الظاهر.

وبناء عليه قال الحنفية والشافعية بصحة العقود التالية في الظاهر، مع الكراهة التحريمية أو الحرمة عند الشافعية، للنهي عنها في السنة النبوية، وهي:

١ ً - بيع العينة (أي البيع الصوري المتخذ وسيلة للربا): كبيع سلعة بثمن مؤجل إلى مدة بمئة درهم، ثم شراؤها من المشتري في الحال بمئة وعشرة، فيكون الفرق ربا. لكن أبا حنيفة رحمه الله استثناء من مبدئه في عدم النظر إلى النية غير المشروعة، اعتبر هذا العقد فاسداً، إن خلا من توسط شخص ثالث بين المالك المقرض والمشتري المقترض، لأساس آخر: وهو عدم تمام البيع الأول بسبب عدم قبض الثمن، ولأن البيع الثاني بيع شيء منقول قبل القبض وبيع الشيء قبل القبض فاسد شرعاً.

٢ ً - بيع العنب لعاصر الخمر: أي لمن يعلم البائع أنه سيتخذه خمراً أو يظنه ظناً غالباً، فإن شك في اتخاذه خمراً أوتوهمه، فالبيع مكروه.

<<  <  ج: ص:  >  >>