للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة: أن هذا الاتجاه يعتد بالمقاصد والنيات، ولو لم تذكر في العقود، بشرط أن يكون ذلك معلوماً للطرف الآخر، أو كانت الظروف تحتم علمه؛ لأن النية روح العمل ولبّه. ويكون هذا الاتجاه آخذاً بنظرية السبب التي تتطلب أن يكون السبب مشروعاً، فإن لم يكن سبب العقد مشروعاً، فلا يصح العقد.

أما في الأحوال غير المصحوبة بنية غير مشروعة أو بباعث سيء، فهل يصح العقد بنية تحول صفة العقد؟.

يرى المالكية والحنفية: أن للنية تأثيراً في صيغة العقود، فقالوا: يصح عقد الزواج بكل لفظ يدل على تمليك العين في الحال، كالتزويج والنكاح والتمليك، والجعل، والهبة والعطية والصدقة، بشرط توافر النية أو القرينة الدالة على أن المراد باللفظ هو الزواج، وبشرط فهم الشهود للمقصود،؛ لأن عقد الزواج كغيره من العقود التي تنشأ بتراضي العاقدين، فيصح بكل لفظ يدل على تراضيهما وإرادتهما (١).

أما البيع والإقالة والإجارة والهبة فلا تتوقف على النية، فلو وهب مازحاً صحت. لكن قال الحنفية (٢): إن عُقِد البيع بمضارع لم يصدَّر بسوف أو السين توقف على النية، فإن نوى به الإيجاب للحال، كان بيعاً، وإلا لا، بخلاف صيغة الماضي، فإن البيع لايتوقف على النية. وأما المضارع المتمحض للاستقبال فهو كالأمر، لا يصح البيع به ولا بالنية، ولا يصح البيع مع الهزل، لعدم الرضا بحكمه معه.


(١) فتح القدير: ٣٤٦/ ٢، الدر المختار ورد المحتار: ٣٦٨/ ٢ ومابعدها، الشرح الكبير للدردير: ٢٢٠/ ٢ ومابعدها، بداية المجتهد: ١٦٨/ ٢، القوانين الفقهية: ص١٩٥.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص ١٨، ٢٠ وأما الإقرار والوكالة والإيداع والإعارة والقذف والسرقة، فلا تتوقف على النية.

<<  <  ج: ص:  >  >>