وهو أن تدعوه النفس إليه، قادراً على فعله، فيكف نفسه عنه خوفاً من ربه، فهو مثاب، وإلا فلا ثواب على تركه، فلا يثاب على ترك الزنا وهو يصلي، ولا يثاب العنِّين (العاجز عن الجماع) على ترك الزنا، ولا الأعمى على ترك النظر المحرم.
وهناك أعمال في حكم التروك، لترددها بين أصلين: الأفعال من حيث إنها فعل، والتروك من حيث إنها قريبة منها، رجح الأكثرون عدم النية فيها، لمشابهة التروك، وذلك مثل إزالة النجاسة، ورد المغصوب والعواري، وإيصال الهدية وغير ذلك، فلا تتوقف صحتها على النية المصححة، لكن يتوقف الثواب فيها على نية التقرب.
وأما غسل الميت: فالأصح فيه عند الأكثرين خلافاً للحنابلة كما بينا عدم اشتراط النية فيه، كالأعمال الملحقة بالتروك؛ لأن القصد منه التنظيف كإزالة النجاسة. ومثله أيضاً نيةالخروج من الصلاة: الأصح فيها عدم الاشتراط؛ لأن النية تليق بالإقدام، لا بالترك.
ومن الملحق بالتروك: إطعام الشخص دابته: إن قصد بإطعامها امتثال أمر الله تعالى، فإنه يثاب، وإن قصد بإطعامها حفظ المالية، فلا ثواب، كما ذكر القرافي. لكن يستثنى من ذلك: فرس المجاهد: إذا ربطها في سبيل الله، فإنها إذا شربت وهو لا يريد سقيها، أثيب على ذلك. وكذلك الزوجة، وكذلك إغلاق الباب وإطفاء المصباح عند النوم: إذا قصد به امتثال أمر الله أثيب، وإن قصد به أمر آخر، فلا (١).
(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص٢١، وللسيوطي: ص١١، شرح الأربعين النووية للنووي ص ٧ - ٨، غاية المنتهى: ١١٥/ ١.