للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة ومحمد وزفر ومالك وأبي الخطاب من الحنابلة (١)؛ لأن اليمين إنما تعقد على متصورالوجود أو متوهم التصور، وليس ههنا واحد منهما، وإذا لم يكن البر باليمين متصوراً فلا يتصور الحنث، فلا فائدة في انعقاد اليمين.

وقال أبو يوسف والشافعي والقاضي من الحنابلة (٢): تنعقد اليمين موجبة للكفارة في الحال؛ لأن الحالف حلف على فعل نفسه في المستقبل، كما لو حلف ليطلقن امرأته، فماتت قبل طلاقها، ولا يشترط عند هؤلاء أن تكون اليمين على أمر متصور الوجود.

وإن كان الحالف يعلم أنه لا ماء في الكوز، تنعقد اليمين عند أئمة الحنفية الثلاثة، وعند زفر: لا تنعقد.

ويجري هذا الخلاف السابق فيما إذا قال الحالف: (والله لأقتلن فلاناً) وهو لا يعلم بموته، فلا تنعقد اليمين عند أبي حنيفة ومحمد وزفر ومن وافقهم. وقال أبو يوسف ومن معه: تنعقد اليمين (٣).

فإن كان الحالف عالماً بموت الشخص فإنه تنعقد اليمين عند الجمهور، وهو كالنوع الثالث وهو المستحيل عادة؛ لأنه لا يتصور أن يحييه الله، فيقتله، فيكون البر باليمين متصوراً، إلاأنه خلاف المعتاد. وقال زفر: لا تنعقد يمينه.


(١) البدائع: ٣ ص ١١، تبيين الحقائق: ٣ ص ١٣٤، الدر المختار: ٣ ص ١٠٩، المغني: ٨ ص ٧٣٠، القوانين الفقهية: ص ١٦٣.
(٢) المراجع السابقة، مغني المحتاج: ٤ ص ٣٢٠.
(٣) رتب الحنفية كيفية الأخذ بأقوال أئمتهم فقالوا: يأخذ القاضي والمفتي وغيرهما بقول أبي حنيفة على الإطلاق سواء أكان معه أحد أصحابه أو انفرد بالرأي، ولكن ذلك في غير بحوث القضاء والمواريث فإن الفتوى فيها على قول أبي يوسف لزيادة تجربته،، ثم يؤخذ بقول أبي يوسف ثم بقول محمد ثم بقول زفر والحسن بن زياد. ويؤخذ بقول الصاحبين إذا خالفا الإمام فيما كان الاختلاف فيه بحسب تغيير الزمان وفيما أجمع عليه المتأخرون كالمزارعة والمعاملة (الدر المختار رد المحتار: ٤ ص ٣٢٥، ٦٥/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>