بتلك الصفة، كان داخلاً في اليمين، وصار شرطاً للحنث. قال الله تعالى:{وما نتنزل إلا بأمر ربك}[مريم:٦٤/ ١٩] أي لا يوجد نزول إلا بهذه الصفة.
ونظيره: ما لو قال لامرأته: (إن خرجت إلا بملاءة، أو بقناع أو إلا راكبة فأنت طالق) فإن وجد الخروج المستثنى لا يحنث، وإن وجد لا على ذلك الوصف: يحنث؛ لأن المستثنى غير داخل في اليمين، وغير المستثنى داخل، فيحنث، لوجود الشرط.
فإن أراد بقوله:(إلا بإذني) مرة واحدة: تصح نيته، ويعمل بمقتضى نيته ديانة فيما بينه وبين الله عز وجل. أما قضاء فيعمل أيضاً بموجب النية عند أبي حنيفة ومحمد، وفي رواية عن أبي يوسف. وقيل: لا يعمل بنيته قضاء، لأنه نوى خلاف الظاهر؛ لأن ظاهر هذا الكلام يقتضي تكرار الإذن في كل مرة كما تقدم، وهو الرأي الراجح الذي عليه الفتوى عند الحنفية.
أما وجه قول الطرفين: فهو أن تكرار الإذن لم يثبت بظاهر اللفظ، وإنما ثبت بإضمار الخروج، فإذا نوى مرة واحدة، فقد نوى ما يقتضيه ظاهر كلامه. والحقيقة أن ظاهر الكلام: هو تكرار الإذن. وأما إذا أريد باليمين الإذن مرة واحدة، فهذا مما يحتمله الكلام فقط، ولذا كان المعول عليه في الفتيا، هو رأي أبي يوسف، فيصدق الحالف في أنه نوى مرة واحدة ديانة لا قضاء، لأنه نوى التخفيف عن نفسه، فلا يصدق في القضاء.
والحيلة في هذه اليمين المتطلبة تكرار الإذن: أن يقول الزوج لامرأته: (أذنت لك الدهر كله) أو (أذنت لك أبداً) أو (كلما شئت الخروج فقد أذنت لك) فيثبت الإذن في كل مرة وجد فيها الخروج؛ لأن كلمة (كلما) توجب التعميم والتكرار.