للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الحنابلة (١) أن اللبن يتناول لبن الأنعام أوالصيد أو لبن الآدمية؛ لأن الاسم يتناوله حقيقة وعرفاً، وسواء أكان حليباً أم رائباً مائعاً أم مجمداً؛ لأن الجميع لبن.

ومثله أيضاً لو حلف ألا يأكل من هذا البُسْر فصار رُطَباً (٢) أو لا يأكل من هذا الرطب فصار تمراً، أو لا يأكل من هذا العنب شيئاً، فصار زبيباً فأكله: لم يحنث في جميع ما ذكر باتفاق الحنفية والشافعية والمالكية؛ لأن الأصل أن اليمين متى تعلقت بعين تبقى ببقاء العين، وتزول بزوالها، إلا أن العين في الرطب وإن لم تتبدل، لكن زال بعضها: وهو الماء بالجفاف، فإذا جف الرطب، فقد زال عنه الماء، فصار آكلاً بعض العين المشار إليها فلا يحنث، وذلك كما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، فأكل بعضه.

وقال الحنابلة (٣): لو حلف ألا يأكل هذا الرطب، فأكله تمراً حنث، كما يحنث من أكل كل ما تولد من ذلك الرطب. أما لو حلف ألا يأكل تمراً، فأكل رطباً، لم يحنث، وكذا لو حلف ألا يأكل عنباً، فأكل زبيباً أو دبساً، أو لا يكلم شاباً فكلم شيخاً، أو لا يشتري جدياً فاشترى تيساً لم يحنث؛ لأن اليمين تعلقت بالصفة دون العين، ولم توجد الصفة.

ومن حلف لا يأكل طعاماً يشتريه فلان، فاشتراه فلان وغيره، فأكل منه ولم تكن له نية، حنث عند المالكية والحنفية والحنابلة (٤) لأن فلاناً مشتر لنصفه وهو طعام وقد أكله، فيجب أن يحنث كما لو اشتراه فلان فخلطه بما اشتراه غيره، فأكل


(١) المغني: ٨٠٣/ ٨.
(٢) البسر: هو التمر إذا تلون ولم ينضج، والرطب: ما نضج من البسر قبل أن يصير تمراً.
(٣) المغني: ٨٠٠/ ٨،٨٠٢.
(٤) القوانين الفقهية: ص ١٦٣، مغني المحتاج: ٣٥٢/ ٤، المغني: ٧٨٠/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>