للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تطهر الأرض المتنجسة بشمس ولا ريح، ولا جفاف؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم أمر بغسل بول الأعرابي، ولو كان ذلك يطهر لاكتفى به.

ولا تطهر نجاسة باستحالة، فلو أحرق السرجين النجس، فصار رماداً أو وقع كلب في ملاحة، فصار ملحاً، لم تطهر، لأنه صلّى الله عليه وسلم «نهى عن أكل الجلاَّلة وألبانها» (١) لأكلها النجاسة، ولو طهرت بالاستحالة لم ينه عنه.

ولا تطهر النجاسة بنار، فالرماد من روث نجس، والصابون المعمول من زيت نجس، ودخان نجاسة وغبارها: نجس، وما تصاعد من بخار ماء نجس إلى جسم صقيل أو غيره: نجس، وتراب جبل بروث حمار أو بغل ونحوه مما لا يؤكل لحمه: نجس، ولو احترق كالخزف. وكذا لو وقع كلب في ملاحة، فصار ملحاً، أو في صبَّانة، فصار صابوناً: نجس (٢).

ويستثنى من مبدأ عدم التطهير بالاستحالة: ما يخلق منه الآدمي، والخمرة التي انقلبت خلاً بنفسها، أو بنقلها من موضع إلى آخر لغير قصد التخليل، ويحرم تخليلها، فإن خللت، ولو بنقلها بقصد التخليل لم تطهر، لحديث مسلم عن أنس قال: «سئل النبي صلّى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا ً؟ قال: لا» ودَنُّ الخمر (أي وعاؤها) مثلها، يطهر بطهارتها تبعاً لها ......

ولا يطهر دهن تنجس بغسله؛ لأنه لا يتحقق وصول الماء إلى جميع أجزائه. كما لا يطهر باطن حَبّ (وعاء فخاري) تشرب النجاسة، ولا عجين تنجس، لأنه لا يمكن غسله، ولا يطهر لحم تنجس، ولا إناء تشرَّب نجاسة ولا سكين سقيت ماء نجساً.


(١) رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عمر، وقال: حسن غريب.
(٢) حقق ابن تيمية رحمه الله في فتاويه أن استحالة النجاسة يذهب بخبثها وعينها، فلا يبقى حكم النجاسة لها، وتكون طاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>