للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أطعم عشرة مساكين في يوم غداء، ثم أعطى كل واحد مداً من الحنطة جاز؛ لأنه جمع بين التمليك، وطعام الإباحة، ولأن كل وجبة طعام مقدرة بمد. وكذلك لو غدى رجلاً واحداً عشرين يوماً، أو عشى رجلاً في شهر رمضان عشرين يوماً جاز؛ لأن المقصود قد حصل.

أما لو أعطى مسكيناً واحداً طعام عشرة، في يوم واحد، دفعة واحدة: لم يجز؛ لأن الله تعالى أمر بسد جوعة عشرة مساكين إما مرة واحدة أو موزعة على الأيام، وهذا لم يحصل هنا.

وأجاز أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور لا الزكاة، لعموم قوله تعالى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين} [المائدة:٨٩/ ٥] من غير تفرقة بين المؤمن والكافر. واستثنيت الزكاة بقول النبي صلّى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم» (١).

وقال أبو يوسف: لا يجوز إعطاء الذميين من الأموال الإسلامية إلا النذور والتطوعات ودم التمتع في الحج؛ لأن الكفارة صدقة أوجبها الله، فلا يجوز صرفها إلى الكافر كالزكاة، بخلاف النذر، لأنه وجب بإيجاب الإنسان، والتطوع ليس بواجب أصلاً، والتصدق بلحم المتعة في الحج غير واجب؛ لأن التقرب إلى الله في إراقة الدم (٢).


(١) رواه الجماعة: أحمد وأصحاب الكتب الستة عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن، وفيه: «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم» (انظر نيل الأوطار: ١١٤/ ٤، نصب الراية: ٣٢٧/ ٢).
(٢) انظر المبسوط: ١٤٩/ ٨ ومابعدها، البدائع: ١٠١/ ٥ - ١٠٥، فتح القدير: ١٨/ ٤، الدر المختار: ٦٦/ ٣، الفتاوى الهندية: ٥٨/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>