للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها، ولا يحمل عليها إلا الأدمُ (الجلود المدبوغة)، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة».

وأما القياس المعارض لهذا: فهو أن ما يرد جوف الحيوان ينقلب إلى لحم، فالمالكية القائلون بالحل نظروا إلى الانقلاب أو التحول إلى لحم، كانقلاب الدم لحماً.

والحنابلة أخذوا بظاهر النهي المقتضي للتحريم، ولأن اللحم يتولد من النجاسة، فيكون نجساً، كرماد النجاسة. والحنفية والشافعية حملوا الحديث على الكراهة التنزيهية.

وعبارة الحنفية: يكره لحم الجلالة ولبنها، كما يكره لحم الأتان ولبنها ولبن الخيل، وبول الإبل، وأجازه (أي بول الإبل ولحم الفرس) أبو يوسف للتداوي به. وتحبس الجلالة حتى يذهب نتن لحمها، وقدر بثلاثة أيام لدجاجة، وأربعة لشاة، وعشرة لإبل وبقر على الأظهر. ولو أكلت الجلالة النجاسة وغيرها بحيث لم ينتن لحمها، حلت، كما حل أكل جدي غذي بلبن خنزير؛ لأن لحمه لا يتغير، وما غذي به يصير مستهلكاً لا يبقى له أثر. وعليه: لا بأس بأكل الدجاج، لأنه يخلط أكل النجس مع غيره، ولا يتغير لحمه (١).

وعبارة الشافعية: يكره أكل الجلالة: وهي التي أكثر أكلها العَذِرَة (الغائط) من ناقة أو شاة، وبقرة، أو ديك، أو دجاجة؛ لحديث ابن عمر المتقدم: ولا يحرم أكلها، لأنه ليس فيها أكثر من تغيير لحمها، وهذا لا يوجب التحريم. فإن أطعم الجلالة طعاماً طاهراً لم يكره، لقول ابن عمر: «تعلف الجلالة علفاً طاهراً: إن كانت ناقة أربعين يوماً، وإن كانت شاة سبعة أيام، وإن كانت دجاجة ثلاثة أيام».


(١) وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل الدجاج. وما روي أن الدجاج يحبس ثلاثة أيام، ثم يذبح، فذاك على سبيل التنزه، لا أنه شرط (تبيين الحقائق، المكان السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>