للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عما يتقاطر عليهم منه، وفي الصحيحين «أنه صلّى الله عليه وسلم عاد جابراً في مرض موته، فتوضأ وصب عليه من وضوئه» وكانوا مع قلة مياههم لم يجمعوا المستعمل للاستعمال ثانياً، بل انتقلوا إلى التيمم، ولم يجمعوه للشرب، لأنه مستقذر.

ويعفى عن يسير الماء المستعمل الواقع في الماء. فإن جمع الماء المستعمل فبلغ قلتين، فطهور في الأصح.

والمستعمل عند الحنابلة (١): هو المستعمل في رفع حدث أكبر (جنابة) أو أصغر (وضوء)، أو إزالة نجاسة من آخر غسلة زالت بها النجاسة وهي الغسلة السابعة (٢) كما هو المذهب، ولم يتغير أحد أوصاف الماء (لونه أو طعمه أو ريحه).

ومن المستعمل: ما غسل به الميت؛ لأنه غسل تعبدي، لا عن حدث، ويصبح الماء مستعملاً: لو نوى الجنب أو المتوضئ رفع الحدث في ماء قليل، فإن لم ينو رفع الحدث أو نوى الاغتراف أو نوى إزالة الغبار أو التبرد أو العبث ظل الماء طهوراً. ومنه: الماء اليسير الذي غمس أو غسل به يد القائم من نوم الليل، وكان الشخص مسلماً عاقلاً بالغاً، وكان الغمس قبل غسل اليد ثلاثاً. ومنه الماء الذي يغمس فيه المسلم البالغ العاقل (غير الصبي والمجنون والكافر) يده كلها إلى الكوع، أي الزند. فلو غمس غير يده كالوجه والرجل لم يكن مستعملاً.

ولا يصير الماء مستعملاً إلا بعد انفصاله عن محل الاستعمال.

ويعفى عن يسير الماء المستعمل الواقع في الماء؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يتوضؤُون من الأقداح، ويغتسلون من الجفان، واغتسل النبي وعائشة من إناء واحد، تختلف


(١) كشاف القناع:٣١/ ١ - ٣٧، المغني:١٥/ ١ ومابعدها، ١٨ - ٢٢، ١٢٤.
(٢) الغسلة الرابعة هي الطاهرة في الوضوء، والغسلة الثامنة في إزالة النجاسة بعد زوالها: هي الطاهرة عند الحنابلة؛ لأنه يشترط عندهم لإزالة النجاسة سبع غسلات.

<<  <  ج: ص:  >  >>