للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلّى الله عليه وسلم أمر بقسم جلودها ونهى عن بيعها، فقال: «من باع جلد أضحيته، فلا أضحية له» (١).

ولا يجوز إعطاء الجزار أو الذابح جلدها أو شيئاً منها كأجرة للذبح، لما روى علي رضي الله عنه قال: «أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدْنه (أي عند نحرها)، وأن أقسم جلودها، وجلالها (٢)، وألا أعطي الجازر شيئاً منها» وقال: «نحن نعطيه من عندنا» (٣).

فإن أعطي الجزار شيئاً من الأضحية لفقره، أو على سبيل الهدية، فلا بأس؛ لأنه مستحق للأخذ فهو كغيره، بل هو أولى، لأنه باشرها، وتاقت نفسه إليها.

وللمضحي أن ينتفع بجلد الأضحية لاستعماله في البيت كجراب وسقاء وفرو وغربال ونحوها، ولكن له استحساناً عند الحنفية خلافاً لغيرهم: أن يشتري به ما ينتفع بعينه مع بقائه أي مبادلته بعروض (أمتعة) أخرى؛ لأن للبدل حكم المبدل، والمعاوضة بالعروض من باب الانتفاع. ولا يجوز أن يشتري به شيئاً استهلاكياً كالدراهم والدنانير والمأكولات والمشروبات، أي فلا يجوز البيع بالنقود أو السلع الاستهلاكية.

ودليل جواز الانتفاع بالجلد: أن عائشة رضي الله عنها اتخذت من جلد أضحيتها سقاء.


(١) رواه الحاكم، وقال: حديث صحيح الإسناد، ورواه البيهقي أيضاً (نصب الراية: ٢١٨/ ٤) وروى أحمد أيضاً حديثاً عن أبي سعيد، وفيه: «ولا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي» (نيل الأوطار: ١٢٩/ ٥).
(٢) الجلال: ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه، ويجمع أيضاً على: أجلة، ومفرده: جلال بضم الجيم.
(٣) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>