٣ - إن نفذت مقاتل البهيمة: وهي المنفوذة المقاتل (١)(أي المقطوع بموتها)، لم تؤكل عند المالكية وأجاز على وابن عباس أكلها. وتعمل فيها الذكاة عند الشافعية والحنابلة متى كان فيها حياة مستقرة. وتؤثر فيها الذكاة عند الحنفية إن علمت حياتها، أو لم تدر حياتها فتحركت أو خرج الدم، وهذا يتأتى فيما اعتدى عليها الذئب فبقر بطنها، وفي المنخنقة والمتردية والنطيحة؛ لعموم قوله تعالى:{إلا ماذكيتم}[المائدة:٣/ ٥].
٤ - الميئوس من حياته ولم تنفذ مقاتله؛ أو المشكوك في أمره، تؤثر الذكاة في حل أكله عند الحنفية، وهو مشهور قول المالكية ما دامت حياته محققة. وقال بعض المالكية: لا تؤثر الذكاة فيه ولا يؤكل. وأجاز الشافعية والحنابلة ذبح الميئوس الذي تكون فيه حياة مستقرة، ولم يجز المشكوك في أمره.
وعلى هذا فإذا غلب على الظن أن المعتدى عليها تهلك بإصابة مقتل أو غيره، فقال الحنفية والشافعية: تعمل الذكاة فيها، وقال قوم: لا تعمل الذكاة فيها، وعن مالك: الوجهان، وقال ابن القاسم: تذكى وتؤكل.
ومنشأ الخلاف في الميئوس منها وفي منفوذة المقاتل: هو الاستثناء المذكور في الآية السابقة، هل هو استثناء متصل أو منقطع؟ فمن قال: إنه متصل، قال: تعمل الذكاة في هذه الأحوال. ومن قال: إنه منقطع أي ما ذكيتم من غيرها، لم يعمل الذكاة فيها.
والمراد بالحياة المطلوب تحققها في هذه الحالة عند الحنفية والمالكية: هو وجود
(١) هي التي بلغ القتل فيها أحد أمور خمسة متفق عليها: وهي قطع الأوداج، وانتشار الدماغ، وانتشار الأحشاء، وخرق أعلى المصران في مجرى الطعام والشراب، لا أسفله. وقطع النخاع الشوكي (القوانين الفقهية، المكان السابق: الشرح الكبير: ١١٣/ ٢).