للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالكية والشافعية والحنابلة فلا بد من أن يرسله الصائد من يده على الصيد بعد أن يراه ويعينه (١). فإن انبعث من نفسه لم يؤكل اتفاقاً. ومن سمع حساً ظنه حس صيد، فرماه، أو أرسل كلباً أو بازاً عليه، فأصاب صيداً ثم تبين أنه صيد، حل المصاب عند الحنفية، لأنه قصد الاصطياد.

وإن زجره بعد انبعاثه من تلقاء نفسه، فرجع إليه، ثم أشلاه (أغراه)، أكل. وإن لم يرجع إليه، بعد أن انزجر، ثم زاد في عدوه، أبيح صيده عند الحنفية والحنابلة، وهو الأولى؛ لأن الزجر مثل الإرسال من حيث كونه فعل الصائد، فالزجر إرسال لأنه دليل الطاعة. ولم يبح عند المالكية والشافعية، كما ذكر سابقاً، تغليباً لجانب المنع؛ لأنه اجتمع إرسال بنفسه وإغراء، فغلب الأول (٢).

وإن أرسله على صيد بعينه، فصاد غيره، لم يؤكل عند غير الحنفية. فإن أرسل، ولم يقصد شيئاً معيناً، وإنما قصد ما يأخذ الجارح، أو ما تقتل الآلة في جهة محصورة كالغار وشبهه، جاز على المشهور عند المالكية. وإن كانت جهة غير معينة كالمتسع من الأرض والغياض أو كان الإرسال على كل صيد يعثر عليه، لم يجز ولم يبح المصيد عندهم. ولو اضطرب الجارح فأرسله الصائد، ولم ير شيئاً، وليس المكان محصوراً من غار أو غيضة، فصاد شيئاً، لم يؤكل لاحتمال أن يكون غير المضطرب عليه ولم ينوه، فإن نواه وغيره أكل. وقيل: لا يؤكل.

ولا بد عند الشافعية والحنابلة: أن يقصد صيداً معيناً، لا مبهماً، فلو أرسل


(١) رد المحتار: ٣٢٨/ ٥، تكملة الفتح: ١٨١/ ٨، تبيين الحقائق: ٥٤/ ٦ ومابعدها، الشرح الكبير: ١٠٦/ ٢، القوانين الفقهية: ص ١٧٧، المغني: ٥٤٥/ ٨، مغني المحتاج: ٢٧٧/ ٤، كشاف القناع: ٢٢٢/ ٦، ٢٢٥، المهذب: ٢٥٥/ ١.
(٢) فيه حديث موقوف على ابن مسعود وهو: «ما اجتمع الحلال والحرام، إلا وغلب الحرام الحلال» وفيه ضعيف وانقطاع (نصب الراية: ٣١٤/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>