للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذلك كله إساءة في استعمال الحق يترتب عليه تعويض الضرر الذي أصاب الغير؛ لأنه كان يجب عليه التثبت والانتباه أو الاحتراس في كل من القصد والفعل، فإذا قصد في ذلك تحمل نتيجة فعله صوناً لدماء الناس وأموالهم.

والدليل أن الله تعالى أوجب تعويض الضرر في القتل الخطأ بالدية، ومنع النبي من الضرر في الحديث المتقدم: «لا ضرر ولا ضرار» ولا سبيل إلى رفع الضرر بعد وقوعه إلا بإيجاب الضمان أو التعويض.

ومجال هذه القاعدة هو الضرر الناشئ عن الخطأ في استعمال الحق، سواء أكان هذا الحق ثابتاً بإذن الشارع، أم بالعقد أم بغيرهما من مصادر الحق؛ لأن استعمال الحقوق مقيد بشرط السلامة كما يقرر الفقهاء (١)، ولأن أموال الناس ودماءهم معصومة لا تهدر بحال، فيجب ضمانها وتعويض الضرر الواقع عليها.

وأساس هذه القاعدة حصول الضرر، سواء أكان قليلاً أم كثيراً.

ولا تطبق هذه القاعدة في حالتين:

الأولى ـ إذا كان استعمال الحق لايمكن فيه الاحتراز أو التثبت عادة، كالطبيب الذي يجري عملية جراحية على النحو المعتاد، فأفضى ذلك إلى تلف عضو أو نفس، لا يكون ضامناً.

الثانية ـ إذا اتخذ الشخص الاحتياطات، ومع ذلك وقع الضرر، فلا يضمنه كما إذا قام إنسان بالتدرب على إطلاق النار في ملكه، ووضع لافتات على أرضه بعدم الدخول، فلا ضمان عليه إذا أصاب أحداً دخل أرضه. كما لاضمان على من سلك طريقاً مخوفاً أو فيه سباع فوجد مقتولاً، لا تجب ديته (٢).


(١) الهداية: ١٥٤/ ٤ ومابعدها.
(٢) الهداية: ١٨١/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>