للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن طرفي العقد؛ لأن القاضي لا ترجع إليه حقوق العقد أي (لا يلتزم بشيء من التزامات العقد كالتسليم ودفع الثمن)، فكان بمنزلة الرسول، والرسول بعكس الوكيل عن الجانبين لا تلزمه حقوق العقد؛ لأنه سفير ومعبر عن كلام الأصيل، فجاز لكل من القاضي والرسول تولي العقد عن الجانبين. ولا يجوز ذلك للوكيل من الجانبين.

لكن تعامل الأب مع الصغير لنفسه مقيد بأن يكون السعر بمثل قيمة الشيء، أو بشيء يسير من الغبن المعتاد حدوثه بين الناس عادة؛ لأن الأب مفترض فيه كمال الشفقة والرحمة ووفرة الرعاية لمصلحة الصغير.

وأما وصي الأب فمقيد تعامله مع الصغير عند أبي حنيفة وأبي يوسف بأن يكون تصرفه بمال الصغير لنفسه بمثل القيمة، أو بما فيه نفع ظاهر (أو خير بيّن) لليتيم (١)، لأنه مرضي الأب، والظاهر ما رضي به إلا لوفور شفقته على الصغير. ولم يجز محمد بن الحسن تصرف الوصي بمال الصغير لنفسه بمثل القيمة؛ لأن التساهل في الأب لكمال شفقته بخلاف الوصي.

وأجاز الحنابلة أن يتولى عاقد واحد عن الجانبين كالوكيل عن الطرفين عقد البيع ونحوه من عقود المعاوضات الأخرى كالإجارة مثلاً؛ لأن حقوق العقد وآثاره أو التزاماته ترجع عندهم للموكل نفسه صاحب الشأن. كما أجازوا ذلك أيضاً في عقد الزواج، وفي الدعوى، فيصح أن يكون الشخص الواحد وكيلاً في الدعوى عن المدعي والمدعى عليه، ممثلاً مصلحة الطرفين ومقيماً الحجة أو الدفوع لكل منهما (٢).


(١) النفع الظاهر في العقار يكون بشراء الوصي لنفسه من الصغير بضعف القيمة، ويبيع بنصفها. وفي المنقول ببيع ما يساوي ١٥ بعشرة، وشراء ما يساوي عشرة بخمسة عشر.
(٢) كشاف القناع: ٢٣٨/ ٢، المغني: ١٠٩/ ٥، مطالب أولي النهي في شرح غاية المنتهى للسيوطي الرحيباني: ٤٦٤/ ٣، ط المكتب الإسلامي بدمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>