للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعبير عن الإرادة من الناطق بالإشارة المفهمة المتداولة عرفاً، لأنها أولى في الدلالة من الفعل الذي ينعقد به العقد، كما في المعاطاة (١).

ويصح التعاقد بالكتابة بين طرفين في رأي الحنفية والمالكية سواء أكانا ناطقين أم عاجزين عن النطق، حاضرين في مجلس واحد أم غائبين، وبأي لغة يفهمها المتعاقدان، بشرط أن تكون الكتابة مستبينة (بأن تبقى صورتها بعد الانتهاء منها) ومرسومة (مسطرة بالطريقة المعتادة بين الناس بذكر المرسل إليه وتوقيع المرسل) فإذا كانت غير مستبينة كالكتابة على الماء أو في الهواء، أو غير مرسومة كالرسالة الخالية من التوقيع مثلاً، لم ينعقد بها العقد (٢)، وعليه نصت القاعدة الفقهية: (الكتاب كالخطاب) (المجلة: م ٩٦). مثل أن يرسل شخص خطاباً لآخر يقول فيه: (بعتك سيارتي بكذا) فإذا وصله الكتاب، وقال في مجلس قراءة الكتاب: قبلت، انعقد البيع. أما إن ترك المجلس أو صدر منه ما يدل على الإعراض عن الإيجاب، كان قبوله غير معتبر.

وإرسال رسول إلى آخر حامل مضمون الإيجاب مثل إرسال الكتاب، ويعتبر مجلس وصول الرسول هو مجلس العقد، فيلتزم أن يقبل فيه، فإن قام من المجلس قبل أن يقبل، انتهى مفعول الإيجاب، ويكون المعول عليه هو مجلس بلوغ الرسالة أو الكتابة، كأن يقول شخص: بعت لفلان كذا، فاذهب يا فلان وقل له هذا، فذهب فأخبره، فقبل المشتري في مجلسه ذلك، صح العقد.

ومهمة الرسول أضعف من مهمة الوكيل، لأن الرسول مجرد مفوض بنقل تعبير المرسل دون زيادة أو نقصان، أما الوكيل فإنه يتولى إبرام العقد بعبارته، ولا


(١) الشرح الكبير للدردير: ٣/ ٣، المغني: ٥٦٢/ ٥.
(٢) الدر المختار ورد المحتار لابن عابدين: ١٠/ ٤ وما بعدها، فتح القدير: ٧٩/ ٥، البدائع: ١٣٧/ ٥، الشرح الكبير للدردير مع الدسوقي: ٣/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>