للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يكون الكلام في موضوع العقد، وألا يتخلله فصل بكلام أجنبي يعد قرينة على الإعراض عن العقد.

فإن ترك الموجب مجلس العقد قبل قبول الآخر، أو ترك الطرف الآخر المجلس بعد صدور الإيجاب، أو انشغل الطرفان في موضوع آخر لا صلة له بالعقد، بطل الإيجاب. ولو قبل الآخر حينئذ لا يعتبر قبوله متمماً للعقد؛ لأن الإيجاب ذهب ولم يبق له وجود، إذا لم يتعانق مع القبول، وسبب ذهابه أنه كلام اعتباري لا بقاء له إذا لم يتصل بالقبول، ويجعل باقياً مدة المجلس من باب التيسير على الطرفين ودفع العسر عنهما ليمكن تلاقي القبول به، وانعقاد العقد.

متى يصير المجلس قد تغير؟

العرف الشائع بين الناس هو المحكم في بيان اتحاد المجلس أو تغيره، فإذا صدر القبول في حال اتحاد المجلس، نشأ العقد، وإذا صدر القبول بعد تغير المجلس لم يعتبر ولم ينشأ به العقد. وضابط ذلك أن القبول يكون معتبراً ما دام لم يتخلل بينه وبين الإيجاب ما يعد إعراضاً عن العقد من أحد الطرفين، وما دام المجلس قائماً (١).

وتحقيق هذا المبدأ عند الحنفية (٢): أنه لو أوجب أحد الطرفين البيع، فقام الآخر عن المجلس قبل القبول، أو اشتغل بعمل آخر يوجب اختلاف المجلس، ثم قبل، لا ينعقد العقد؛ لأن القيام دليل الإعراض والرجوع عن العقد.

والاحتكام إلى العرف في بيان ما يغير المجلس متفق عليه بين المذاهب (٣) حتى


(١) الأموال ونظرية العقد للدكتور محمد يوسف موسى: ص ٢٥٩.
(٢) البدائع: ١٣٧/ ٥، فتح القدير والهداية: ٧٨/ ٥ و ٨٠.
(٣) مواهب الجليل للحطاب: ٢٤٠/ ٤ ومابعدها، المجموع للنووي: ٢٠١/ ٩، مغني المحتاج: ٤٥/ ٢، المحلي على المنهاج: ١٩١/ ٢، الباجوري على ابن قاسم:٣٦٠/ ١، غاية المنتهى: ٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>