للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولاً ـ بعموم الآيات القرآنية الدال على مشروعية البيع، مثل قوله تعالى: {وأحل الله البيع} [البقرة:٢٧٥/ ٢] والفضولي كامل الأهلية، فإعمال عقده أولى من إهماله، وربما كان في العقد مصلحة للمالك، وليس فيه أي ضرر بأحد؛ لأن المالك له ألا يجيز العقد، إن لم يجد فيه فائدة.

ثانياً ـ بما ثبت ـ في الحديث المتقدم في الوكالة ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلم أعطى عروة البارقي ـ أحد أصحابه ـ ديناراً ليشتري له به شاة، فاشترى شاتين بالدينار، وباع إحداهما بدينار، وجاء للنبي صلّى الله عليه وسلم بدينار وشاة، فقال له «بارك الله لك في صفقة يمينك» فشراء الشاة الثانية وبيعها لم يكن بإذن النبي عليه السلام، وهو عمل فضولي جائز بدليل إقرار الرسول له.

وخلاصة هذا الرأي: أن الملكية أو الولاية هي من شروط نفاذ التصرف، فإذا لم يكن العاقد مالكاً ولا ولاية له، كان العقد موقوفاً.

الرأي الثاني ـ للشافعية والحنابلة والظاهرية (١): تصرف الفضولي باطل، لا يصح ولو أجازه صاحب الشأن؛ لأن الإجازة تؤثر في عقد موجود، وهذا العقد لا وجود له منذ نشأته، فلا تصيره الإجازة موجوداً. واستدلوا بما يأتي:

أولاً ـ بأن تصرف الفضولي تصرف فيما لا يملك، وتصرف الإنسان فيما لا يملكه منهي عنه شرعاً، والنهي يقتضي عدم مشروعية المنهي عنه عندهم، وذلك في قوله صلّى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» (٢) أي ما ليس مملوكاً لك،


(١) المجموع للنووي: ٢٨١/ ٩، ٢٨٤ ومابعدها، مغني المحتاج: ١٥/ ٢، كشاف القناع: ١١/ ٢ ومابعدها، القواعد لابن رجب: ص ٤١٧، غاية المنتهى: ٨/ ٢، المحلى: ٥٠٣/ ٨، م ١٤٦٠.
(٢) نص الحديث كما رواه أحمد: «إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه». وجاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيما رواه الخمسة: «لا يحل سلف ولا بيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يَضْمن، ولا بيع ما ليس عندك» (نيل الأوطار: ١٥٧/ ٥، سبل السلام: ١٦/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>