للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصد الأصلي للعقد في الشريعة ربما يلتقي في بعض الخصائص مع المفهوم التقليدي للسبب عند القانونيين، وهو الذي لم تأخذ به قوانيننا العربية في سورية ومصر وليبيا وغيرها. وهو المسمى: السبب الفني للالتزام: وهو السبب القريب المجرد الذي يكون واحداً في كل الالتزامات التي من نوع واحد، وهو لازم لنشوء الالتزام ولاستمراره.

فكل من المقصد الأصلي والسبب الفني موضوعي وواحد في العقد. ففي عقد البيع مثلاً السبب الفني لالتزام البائع بنقل ملكية المبيع: هو التزام المشتري بدفع الثمن. والمقصد الأصلي لعقد البيع: هو نقل الملكية بعوض، أي أن السبب الفني هو واحد في كل التزام بنقل الملكية، لا يختلف من التزام إلى آخر بحسب اختلاف الأشخاص. فسبب التزام البائع بنقل الملكية هو رغبته في الحصول على ثمن ما باع. وكذلك المقصد الأصلي هو واحد كما عرفنا في النوع الواحد من العقود، لا يختلف إلا باختلاف نوع العقد.

لكن الفرق بين السبب الفني والمقصد الأصلي: هو أن السبب الفني ملازم لإرادة العاقد الخاصة، وإن كان متميزاً عنها. أما المقصد الأصلي فهو في الأصل منفك عن الإرادة الخاصة للعاقد، غير متلازم معها، وإنما هو متلازم مع إرادة الشارع (١).

فالسبب في الفقه الإسلامي هو المقصد الأصلي للعقد (٢)، أي أن السبب هو مجموع الآثار المتولدة، فإن كانت هذه الآثار سليمة، ذات محل مشروع، كان العقد صحيحاً، وإلا كان العقد باطلاً. وهذه الآثار: هي التي دفعت العاقد إلى التعاقد.


(١) التعبير عن الإرادة، للدكتور سوار: ف ٥٣٤.
(٢) المرجع السابق: ف ٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>