للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال جمهور الفقهاء غير الحنفية (١): إن الإكراه يؤثر في التصرفات فيجعلها باطلة، سواء أكانت قابلة للفسخ كالبيع والإجارة والهبة ونحوها، أم غير قابلة للفسخ كالزواج والطلاق واليمين والرجعة، فلا يصح البيع أو الإيجار الصادر من المستكره، ولا يقع طلاق المكره، ولا يثبت عقد الزواج بالإكراه؛ لأن الإكراه يزيل الرضا، والرضا أساس التصرفات.

وقال الحنفية (٢): يميز بين التصرفات المحتملة للفسخ، والتصرفات غير المحتملة للفسخ. فإن كان التصرف لا يقبل الفسخ كالزواج والطلاق، فيصح مع الإكراه ويلزم، لأنه تصرف يستوي فيه الجد والهزل، والإكراه في معنى الهزل لعدم القصد الصحيح للتصرف فيهما. بدليل الحديث النبوي: «كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمجنون» (٣) وروي عن ابن عمر أنه أجاز طلاق المكره.

وإن كان التصرف قابلاً للفسخ كالبيع والإجارة والهبة فلا يصح مع الإكراه. ويكون العقد فاسداً عند جمهور الحنفية (أبي حنيفة وصاحبيه) أي أنه إذا زال الإكراه وأصر المستكره على العقد مع الطرف الآخر ورضي به صار صحيحاً، فيكون للمستكره بعد زوال الإكراه الخيار بين إمضاء التصرف وفسخه.

وقال زفر من الحنفية والمالكية: يعتبر تصرف المستكره موقوفاً على إجازته


(١) الشرح الكبير للدردير: ٣٦٧/ ٢، مغني المحتاج: ٢٨٩/ ٣، المغني: ١١٨/ ٧، غاية المنتهى: ٥/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٤٦، المحلى: ٣٨٠/ ٨، ٣٨٣ ومابعدها.
(٢) البدائع: ١٨٢/ ٧ ومابعدها، ١٨٦، تكملة فتح القدير: ٢٩٣/ ٧، ٣٠٣، تبيين الحقائق: ١٨٢/ ٥، ١٨٨، الدر المختار: ٨٩/ ٥ ومابعدها، ٩٦، الكتاب مع اللباب: ١٠٨/ ٤، مجمع الضمانات: ص ٢٠٦.
(٣) ذكر البخاري من قول علي: «كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه» وأما الحديث المذكور فهو غريب كما قال الزيلعي (نيل الأوطار: ٢٣٥/ ٦، نصب الراية: ٢٢١/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>