للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يره، فهو بالخيار إذا رآه» (١) ويؤيده أن عثمان بن عفان باع أرضاً له بالبصرة لطلحة ابن عبد الله رضي الله عنهما، ولم يكونا رأياها، فقيل لعثمان: غبنت، فقال: «لي الخيار؛ لأني بعت ما لم أره». وقيل لطلحة إنك قد غبنت، فقال: «لي الخيار، لأني اشتريت ما لم أره» (٢) فحكما في ذلك جبير بن مطعم، فقضى بالخيار لطلحة.

وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينكر عليه أحد، فكان إقراراً منهم على شرعية هذا الخيار.

واحتجوا أيضاً بأن الشخص قد يحتاج إلى شراء شيء غائب عنه، يجعل له الخيار عند رؤيته دفعاً للضرر عنه حينما يجد المعقود عليه غير موافق لغرضه أو لمقصوده، وتحقيقاً لرضاه المطلوب في العقود.

وأما ما قد يكون من جهالة في المعقود عليه فلا تؤثر في صحة العقد، لأنها لا تفضي إلى النزاع بسبب إعطاء الخيار لمن لم ير محل العقد.

وقال الشافعي في المذهب الجديد (٣): لا ينعقد بيع الغائب أصلاً، سواء أكان بالصفة، أم بغير الصفة، ولا يثبت خيار الرؤية؛ لأن في العقد غرراً وجهالة قد تفضي إلى النزاع بين العاقدين، وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (٤). وأما حديث «من اشترى ما لم يره» فهو حديث ضعيف كما قال البيهقي أو باطل كما قال الدارقطني.


(١) روي مسنداً ومرسلاً، فالمسند رواه الدارقطني عن أبي هريرة، والمرسل رواه ابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي عن مكحول، وهو ضعيف (نصب الراية: ٩/ ٤).
(٢) أخرجه الطحاوي والبيهقي عن علقمة بن أبي وقاص (نصب الراية: ٩/ ٤).
(٣) مغني المحتاج: ١٨/ ٢ ومابعدها، المهذب: ٢٦٣/ ١.
(٤) روى الجماعة إلا البخاري عن أبي هريرة «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر» (نيل الأوطار: ١٤٧/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>