وأما الفسخ: فهو نقض العقد من أصله، أو منع استمراره، ولا يحتسب من عدد الطلاق، ويكون غالباً في العقد الفاسد أو غير اللازم.
وبه يتبين أن الفسخ يفترق عن الطلاق من ثلاثة أوجه:
الأول: ـ حقيقة كل منهما: فالفسخ: نقض للعقد من أساسه، وإزالة للحل الذي يترتب عليه، أما الطلاق: فهو إنهاء للعقد، ولا يزول الحل إلا بعد البينونة الكبرى (الطلاق الثلاث).
الثاني: ـ أسباب كل منهما: الفسخ يكون إما بسبب حالات طارئة على العقد تنافي الزواج، أو حالات مقارنة للعقد تقتضي عدم لزومه من الأصل. فمن أمثلة الحالات الطارئة: ردة الزوجة أو إباؤها الإسلام أو الاتصال الجنسي بين الزوج وأم زوجته أو بنتها. ومن أمثلة الحالات المقارنة: أحوال خيار البلوغ لأحد الزوجين، وخيار أولياء المرأة التي تزوجت من غير كفء أو بأقل من مهر المثل، ففيها كان العقد غير لازم.
أما الطلاق فلا يكون إلا بناء على عقد صحيح لازم، وهو من حقوق الزوج، فليس فيه مايتنافى مع عقد الزواج أو يكون بسبب عدم لزومه.
الثالث: ـ أثر كل منهما: الفسخ: لا ينقص عدد الطلقات التي يملكها الرجل، أما الطلاق فينقص به عدد الطلقات.
وكذلك فرقة الفسخ لا يقع في عدتها طلاق، إلا إذا كانت بسبب الردة أو الإباء عن الإسلام، فيقع فيهما عند الحنفية طلاق زجراً وعقوبة. أما عدة الطلاق فيقع فيها طلاق آخر، ويستمر فيها كثير من أحكام الزواج. ثم إن الفسخ قبل الدخول لا يوجب للمرأة شيئاً من المهر، أما الطلاق قبل الدخول فيوجب نصف المهر المسمى، فإن لم يكن المهر مسمى استحقت المتعة (تعويض بمثابة هدية).