للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيِّع - أي البائع - من باعه» (١).

فلو أفلس المشتري بعد تسليم المبيع وقبل دفع الثمن، فللبائع خيار الفسخ واسترداد المبيع إذا كان هذا المبيع لا يزال بعينه في يد المشتري، عملاً بالحديث المتقدم، ولأن العجز عن إيفاء الثمن يوجب حق الفسخ قياساً على العجز عن إيفاء المبيع؛ لأن المبيع عقد معاوضة يتطلب المساواة.

وليس خيار الفسخ مختصاً بعقد البيع عند الجمهور، بل هو ثابت أيضاً في كل عقود المعاوضات كالإجارة والقرض، فللمؤجر فسخ الإجارة إذا أفلس المستأجر قبل دفع الأجرة، وللمقرض الرجوع على المقترض إذا أفلس وكان عين ماله قائماً.

وأضاف الإمام الشافعي لجواز الرجوع والاسترداد في حال إفلاس المدين الحي حال وفاة المدين إذا تبين أنه مفلس (٢).

(٥٠) - أما الحنفية فلم يجيزوا الفسخ حال الإفلاس وغيره، جاء في المجلة (م ٥٩٢): «إذا قبض المشتري المبيع، ثم مات مفلساً قبل أداء الثمن، ليس للبائع استرداد المبيع، بل يكون مثل الغرماء» (وذلك لأن الثمن دين في الذمة)، وهذا مانع من الفسخ، ولقوله صلّى الله عليه وسلم فيما رواه الخصاف: «أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده متاعه، فهو أسوة غرمائه فيه» وأوّلوا حديث أبي هريرة الذي استند إليه الجمهور بأنه خاص بحالة شرط خيار الفسخ للبائع، وقبضه المشتري بشرط الخيار


(١) رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن سمرة بن جندب.
(٢) شرح الخرشي: ١٩١/ ٤ - ١٩٣، بداية المجتهد: ٢٣٧/ ٢ - ٢٤٠، المهذب: ٣٢٣/ ١ - ٣٢٧، فتح العزيز١٣٣/ ١٠ - ٢٤٣، المغني: ٤٥٦/ ٤ - ٤٦٠، ٥٠٥، النظرية العامة للموجبات والعقود، محمصاني: ٤٩٤/ ١ - ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>