للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليحمله على الوفاء بالتزامه. ولا يجوز للدائن أن يمارس شيئاً من هذه الضغوط على المدين بسلطته الشخصية وإنما من طريق القضاء (١).

والتقنين المدني المصري والسوري وقف موقف الاعتدال في النظرية الشخصية والنظرية المادية للالتزام، فلم يغرق في الأخذ بالمذهب المادي، ولكنه من جهة أخرى سجل ما تم فعلاً من تطور نحو هذا المذهب بحكم تأثر النظريات اللاتينية بالنظريات الجرمانية (٢). وهذا هو اتجاه الفقه الإسلامي.

وحوالة الدين عند فقهاء الحنفية: هي نقل المطالبة من ذمة المدين إلى ذمةالملتزم (٣). وعرفها غير فقهاء الحنفية بأنها عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى ذمة (٤). فالحوالة عند الحنفية يترتب عليها براءة مؤقتة من الدين، ويجوز للمحال العودة إلى مطالبة المحيل بالدين في حال إفلاس المحال عليه في رأي صاحبي أبي حنيفة، أوفي حال موت المحال عليه مفلساً، أوعند جحوده أو إنكاره الحوالة. وعند غير الحنفية يبرأ المحيل براءة نهائية بالحوالة، إلا إذا وجد تغرير كالإحالة على مفلس، فيجوز عند المالكية الرجوع على المحيل. كما يجوز الرجوع عندهم حال اشتراط يسار المحال عليه.

وتنعقد الحوالة عند الحنفية: بإيجاب وقبول، إيجاب من المحيل، وقبول من المحال والمحال عليه، أي أنه لا بد من رضا المحيل والمحال عليه. أما رضا المحيل فمطلوب؛ لأن ذوي المروءات قد يأنفون بتحمل غيرهم ما عليهم من الدين. وأما رضا المحال فلا بد منه، لأن الدين حقه، وهو في ذمة

المحيل، والدين هو الذي


(١) المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه الإسلامي للأستاذ الزرقاء: ص ٥٥/ف٢٨.
(٢) الوسيط للسنهوري: ص ٢٨.
(٣) فتح القدير مع العناية: ٤٤٣/ ٥، الدر المختار: ٣٠٠/ ٤، مجمع الضمانات: ص ٢٨٢.
(٤) الشرح الكبير للدردير: ٣٢٥/ ٣، مغني المحتاج: ١٩٣/ ٢، المغني: ٥٢٨/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>