للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تحريمه، وتحريم اقتنائه، فثبت الحكم فيه بطريق التنبيه، وإنما لم ينص الشارع عليه؛ لأنهم لم يكونوا يعتادونه.

والغسلة الأولى أولى بجعل التراب فيها للخبر الوارد، وليأتي الماء بعده، فينظفه، ولا بد من استيعاب المحل المتنجس بالتراب، بأن يمر التراب مع الماء على جميع أجزاء المحل المتنجس.

والأظهر عند الشافعية تعين التراب، فلا يكفي غيره كأشنان وصابون.

ويقوم عند الحنابلة الأشنان والصابون والنخالة ونحوها من كل ماله قوة في الإزالة، مقام التراب، ولو مع وجوده، وعدم تضرر المحل به، لأن نصه على التراب تنبيه على ما هو أبلغ منه في التنظيف. وإذا أضر التراب بالمحل فيكفي مسماه أي أقل شيء يسمى تراباً يوضع في ماء إحدى الغسلات، للنهي عن إفساد المال، ولحديث: «إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم» (١).

وأما نجاسة غير الكلب والخنزير فتطهر عند الحنابلة بسبع مرات منقية دون تراب، لقول ابن عمر: «أمرنا أن نغسل الأنجاس سبعاً» فينصرف إلى أمره صلّى الله عليه وسلم، وقد أمر به في نجاسة الكلب، فيلحق به سائر النجاسات، والحكم لا يختص بمورد النص، بدليل إلحاق البدن والثوب به، وكذلك محل الاستنجاء يغسل سبعاً كغيره. فإن لم ينق المحل المتنجس بالسبع، زاد في الغسل حتى ينقى المحل. ولايضر بقاء لون النجاسة أو ريحها أو هما معاً حالة العجز عن إزالتهما، لحديث خولة بنت يسار السابق: «يكفيك الماء، ولا يضرك أثره». ويضر بقاء طعم النجاسة لدلالته على بقاء عينها، ولسهولة إزالته.


(١) روى أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة: «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>