للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهر الرواية وهو الأصح: هو الذي يغلب على ظن المرء واجتهاده عدم وصول النجاسة فيه إلى الجانب الآخر. يجوز الوضوء وإزالة النجاسة به من الجانب الآخر الذي لم تقع فيه النجاسة؛ لأن الظاهر أن النجاسة لا تصل إلى الجانب الآخر، كما أن المفتى به جواز التطهر به من جميع الجوانب.

وقال غير الحنفية (١) الماء الجاري كالراكد، إن كان كثيراً لا تضره النجاسة، التي لم تغير أحد أوصافه (الطعم واللون والريح) فهو طاهر، وإن كان قليلاً تنجس مجموعه بمجرد الملاقاة.

ولا حد للكثرة عند المالكية. والكثير عند الشافعية والحنابلة: ما بلغ قلتين (٥٠٠ رطل بغدادي تقريباً). والعبرة في الجاري بالجرية: وهي كما عرفها الشافعية: ما يرتفع من الماء عند تموُّجه: أي تحقيقاً أوتقديراً، فإن كبرت الجرية لم تنجس إلا بالتغير، وهي في نفسها منفصلة عما أمامها وما خلفها من الجريات حكماً.

والجرية عند الحنابلة: هي الماء الذي فيه النجاسة، وما قرب منها، من خلفها وأمامها، مع ما يحاذي ذلك مما بين طرفي النهر. أو هي ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها، ويمنة ويسرة. والتعريفان مترادفان.

فإن كان الماء جارياً، وفيه نجاسة جارية، كالميتة، والجرية المتغيرة، فالماء الذي قبلها طاهر؛ لأنه لم يصل إليه النجاسة، فهو كالماء الذي يصب على النجاسة من إبريق، والذي بعدها طاهر أيضاً؛ لأنه لم تصل إليه النجاسة. وأما ما يحيط بالنجاسة من فوقها وتحتها ويمينها وشمالها: فإن كان قلتين ولم يتغير، فهو طاهر، وإن كان دونهما، فهو نجس كالراكد.


(١) بداية المجتهد: ٢٣/ ١، القوانين الفقهية: ص٣٠، الشرح الصغير: ٣٠/ ١وما بعدها، مغني المحتاج:٢٤/ ١، المهذب:٧/ ١، كشاف القناع:٤٠/ ١وما بعدها، المغني:٣١/ ١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>