للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدليل ما روي عن سيدنا عمر أنه قال: «يا رسول الله: إنا نبيع الإبل بالبقيع، ونأخذ مكان الدراهم الدنانير، ومكان الدنانير الدراهم، فقال عليه السلام: لابأس إذا كان بسعر يومهما، وافترقتما وليس بينكما شيء» (١) فهذا يدل على جواز استبدال ثمن المبيع. وأما المراد من حديث (النهي عما لا يقبض) فهو بالنسبة للعين، لا بالنسبة للدين؛ لأن المبيع شيء يحتمل القبض، والدين لا يحتمل القبض حقيقة، لأنه مال حكمي في الذمة، فيكون قبضه بقبض بدله.

وقد استثنوا من جواز التصرف في الثمن قبل القبض عقدي الصرف والسلم. أما الصرف: فلأن كلاً من بدلي الصرف مبيع من وجه وثمن من وجه، فباعتبار كونه مبيعاً لا يجوز التصرف فيه، وقد رجحت جانب الحرمة احتياطاً.

وأما السلم: فالمسلم فيه لا يجوز التصرف فيه لأنه مبيع، ورأس المال (أي الثمن) ألحق بالمبيع العين في حرمة الاستبدال شرعاً (٢).

هذا .. ويلاحظ أن التصرف في الأثمان والديون جائز بالبيع والهبة والإجارة والوصية أي بعوض أو بغير عوض، سواء مما لا يتعين كالنقود، أو مما يتعين كالمكيل والموزون، وذلك ممن عليه الدين كأن يشتري البائع من المشتري شيئاً بالثمن الذي له عليه، أو يستأجر بالثمن داراً للمشتري، أو أن يهبه الثمن.

ولا يجوز تمليك الدين من غير من عليه الدين كأن يشتري إنسان فرس زيد مثلاً بمئة ليرة على عمرو، لأنه لا يقدر على تسليمه إلا في ثلاث صور (٣).


(١) أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر (انظر جامع الأصول: ١ ص ٤٦٩، نصب الراية: ٤ ص ٣٣).
(٢) البدائع: ٥ ص ٢٣٤، فتح القدير: ٥ ص ٢٦٩ ومابعدها، رد المحتار: ٤ ص ١٧٣ ومابعدها.
(٣) رد المحتار: ٤ ص ١٧٣، مغني المحتاج: ٢ ص ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>