للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري تسليم الثمن (أي الدين) أولاً إذا طالبه البائع حتى يتعين، ولقوله عليه السلام: «الدين مقضي» (١) فلو تأخر تسليم الثمن عن تسليم المبيع لم يكن هذا الدين مقضياً. ثم يجب على البائع تسليم المبيع، إذا طالبه المشتري، حتى يتحقق التساوي بينهما. واستثنوا من ذلك أمرين أولهما ـ المسلم فيه، لأنه دين مؤجل، والثاني ـ الثمن المؤجل فلو كان الثمن مؤجلاً، يجب تسليم المبيع للحال، لأن البائع أسقط حق نفسه في التأجيل (٢).

وقال المالكية (٣) كالحنفية: يجب على المشتري تسليم الثمن، وعلى البائع تسليم المبيع (المثمون)، فإن قال أحدهما: لا أسلم ما بيدي حتى أقبض ما عاوضت عليه، أجبر المشتري على تسليم الثمن، ثم أخذ المبيع من البائع. وقال مالك: للبائع أن يتمسك بالمبيع حتى يقبض الثمن. ودليل المالكية والحنفية: أن للبائع حبس المبيع على تسليم الثمن، ومن استحق ذلك لم يكن عليه التسليم قبل الاستيفاء كالمرتهن.

وقال الشافعية والحنابلة (٤): إن اختلف في التسليم، وكان الثمن في الذمة، فقال البائع: لا أسلم المبيع حتى أقبض ثمنه، وقال المشتري في الثمن مثله، أجبر البائع على تسليم المبيع، ثم أجبر المشتري على تسليم الثمن؛ لأن حق المشتري في


(١) أخرجه ابن عدي في الكامل عن ابن عباس ونصه: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «الزعيم غارم والدين مقضي، والعارية مؤادة، والمنحة مردودة» وأعله بإسماعيل بن زياد السكوني، وقال: إنه منكر الحديث، لا يتابع على عامة ما يرويه (انظر نصب الراية: ٤ ص ٥٨) وأخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي وفيه إسماعيل بن عياش (انظر التلخيص الحبير: ص ٢٥٠).
(٢) المبسوط للسرخسي: ١٣ ص ١٩٢، البدائع: ٥ ص ٢٤٤، فتح القدير: ٥ ص ١٠٩، رد المحتار: ٤ ص ٤٣ ومابعدها.
(٣) القوانين الفقهية: ص ٢٤٧.
(٤) مغني المحتاج: ٧٤/ ٢، المغني: ١٩٨/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>