للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليقبض الدين الذي له عليه، تبطل الحوالة حق الحبس، دليله: أن حق البائع بمطالبة المشتري بأداء الثمن لم يبطل بحوالة المشتري، أو بحوالته المطلقة، فلم يبطل حق الحبس، وأما في الحوالة المقيدة فيبطل حق المطالبة من البائع للمشتري بهذه الحوالة، فيسقط حق الحبس (١).

قال الكاساني: «والصحيح اعتبار قول محمد، لأن حق الحبس في الشرع يدور مع حق المطالبة بالثمن، لا مع قيام الثمن في ذاته» (٢).

والخلاصة: إن حق الحبس يسقط بحوالة البائع على المشتري بالثمن اتفاقاً، وكذا بحوالة المشتري البائع به على رجل عند أبي يوسف. وعند محمد: فيه روايتان، أرجحهما ما ذكر.

ولو أعار البائع المبيع للمشتري أو أودعه عنده، سقط حق الحبس، حتى لا يملك استرداده في ظاهر الرواية؛ لأن الإعارة والإيداع أمانة في يد المشتري، وهو لا يصلح نائباً عن البائع في وضع يده لأنه أصل في ملك الشيء، فكان أصلاً في وضع اليد، فإذا ثبتت يد المشتري على المبيع، كانت يده يد ملك، ويد الملك لازمة، فلا يملك أحد إبطالها بالاسترداد (٣).

ولو أودع المشتري المبيع عند البائع أو أعاره منه أو آجره، لم يسقط حق الحبس؛ لأن هذه التصرفات لم تصح من المشتري؛ لأن يد الحبس بطريق الأصالة ثابتة للبائع، فلا يصح أن يصير نائباً عن غيره (٤).


(١) المبسوط: ١٣ ص ١٩٥، البدائع: ٥ ص ٢٥٠ ومابعدها، رد المحتار: ٤ ص ٤٤.
(٢) البدائع، المرجع السابق: ص ٢٥١.
(٣) البدائع: ٥ ص ٢٥٠، حاشية ابن عابدين: ٤ ص ٤٤.
(٤) البدائع، المرجع السابق نفسه: ٥ ص ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>