للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحصاة، وعن بيع الغرر (١)، وهذا غرر، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عن شراء العبد الآبق، وعن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع وعن شراء ما في ضروعها، وعن شراء الغنائم حتى تقسم (٢). وعن ابن مسعود أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر» (٣) علل النهي عن بيع السمك بأنه غرر، فدل على أن الغرر: ما لا يقدر على تسليمه. والمراد بالماء الذي لايجوز بيع السمك فيه هو الماء غير المحصور كماء البحر والنهر، فإن كان الماء محصوراً كماء البركة، فقال الحنفية والشافعية والحنابلة في الجملة: يجوز بيع السمك فيه إذا كان يمكن أخذه بدون اصطياد وحيلة. ولكن للمشتري خيار الرؤية عند الحنفية. ومنع المالكية بيع السمك في الغدير أو البركة (٤).

والخلاصة: أن المذاهب الأربعة متفقة على بطلان بيع ما لا يقدر على تسليمه، مع الخلاف في بعض القيود أحياناً أو مع أقوال ضعيفة في المذهب.

وذهب الظاهرية إلى أنه لا يشترط في صحة البيع أن يكون المعقود عليه مقدور التسليم، وإنما الواجب ألا يحول البائع بين المشتري وبين ما اشتراه (٥).


(١) رواه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر» وقد سبق تخريجه. وبيع الحصاة مثل أن يقول: بعتك من هذه الأثواب ماوقعت عليه هذه الحصاة ثم يرمي الحصاة (انظر جامع الأصول: ١ص٤٤١، نيل الأوطار: ٥ ص ١٤٧).
(٢) رواه أحمد وابن ماجه عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري ونصه: «نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن شراء مافي بطون الأنعام حتى تضع، وعن بيع مافي ضروعها إلا بكيل، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص» (انظر نيل الأوطار: ٥ ص ١٤٩).
(٣) رواه أحمد موقوفاً ومرفوعاً والطبراني في الكبير كذلك، ورجال الموقوف رجال الصحيح (انظر مجمع الزوائد: ٤ ص ٨٠).
(٤) البدائع: ٥ ص ٢٩٥، بداية المجتهد: ٢ ص ١٥٦، المهذب: ١ ص ٢٦٣، المغني: ٤ ص ٢٠٢.
(٥) المحلى: ٨ ص ٤٤٩ وما بعدها، أصول البيوع الممنوعة: ص ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>