للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - إن هذا العقد التزام ما لا يلزم، لعدم وجود سبب شرعي من أسباب الضمان الأربعة وهي العدوان من قتل وهدم وإحراق ونحوها، وتسبب الإتلاف كحفر بئر بدون ترخيص في الطريق العام، ووضع اليد غير المؤتمنة كالغصب والسرقة وبقاء المبيع في يد البائع، والكفالة. وليس المؤمِّن متعدياً، ولا متسبباً في الإتلاف، ولا واضع يد على المؤمن عليه، وليس في التأمين مكفول معين.

٢ - ليس التأمين من قبيل تضمين الوديع إذا أخذ أجراً على الوديعة إذا هلكت: لأن المال ليس في يد المؤمن، بل في يد صاحب المركب، ولو كان صاحب المركب هو المؤمن، فإنه يكون أجيراً مشتركاً، لا وديعاً، وكل من الوديع والأجير المشترك لا يضمن ما لا يمكن الاحتراز عنه، كالموت والغرق والحرق الغالب.

٣ - ليس التأمين من قبيل تضمين التغرير: لأن الغارّ لا بد من أن يكون عالماً بالخطر، وأن يكون المغرور جاهلاً به غير عالم. والمؤمن (شركة التأمين أو الضمان) لا يقصد تغرير التجار (المؤمن لهم)، ولا يعلم بحصول الخطر ـ الغرق مثلاً ـ هل يكون أو لا، أي لا يعلم: هل تغرق المركب أو لا؟

أما في حال العلم بالخطر من المؤمن والتاجر كالخطر من اللصوص قطاع الطرق، فيجوز الضمان، ولكن ليس التأمين منطبقاً عليها. فلو قال شخص لآخر: اسلك هذا الطريق، فإن كان مخوفاً وأخذ مالك، فأنا ضامن: ضمن.

وأضاف ابن عابدين: أنه إن جرى عقد التأمين الفاسد في بلاد الحرب بين المؤمَّن وشريك حربي غير مسلم للمؤمن له، أو بين التاجر المؤمن له الموجود في دار الحرب وبين المؤمِّن، وأخذ بدل الهالك، وأرسله في الحالة الأولى إلى التاجر المسلم، أو قبض التاجر البدل في بلادنا في الحالة الثانية، فالظاهر أنه يحل للتاجر أخذه؛ لأن العقد الفاسد جرى بين حربيين في بلاد الحرب، وقد وصل إلى التاجر

<<  <  ج: ص:  >  >>