للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقد التأمين مع الشركات من عقود المعاوضات المالية، فيؤثر فيه الغرر، كما يؤثر في سائر عقود المعاوضات المالية. وقد وضعه رجال القانون تحت عنوان «عقود الغرر»؛ لأن التأمين لا يكون إلا من حادث مستقبل غير محقق الوقوع، أو غير معروف وقوعه، فالغرر عنصر لازم لعقد التأمين.

والغرر في التأمين كثير، لا يسير، ولا متوسط، لأن من أركان التأمين: «الخطر» والخطر هو حادث محتمل لا يتوقف على إرادة العاقدين (١).

والحاجة التي من أجلها يجوز العقد المشتمل على الغرر ولو كان كثيراً: (وهي أن يصل المرء إلى حالة بحيث لو لم يتناول الممنوع يكون في جهد ومشقة، ولكنه لا يهلك) (٢) يشترط فيها أن تكون عامة، أو خاصة بفئة، وأن تكون متعينة.

والحاجة العامة: هي ما يكون الاحتياج فيها شاملاً لجميع الناس. والحاجة الخاصة: هي ما يكون الاحتياج فيها خاصاً بطائفة من الناس كأهل بلد، أو حرفة.

ومعنى كون الحاجة متعينة: أن تسد جميع الطرق المشروعة للوصول للغرض، سوى ذلك العقد الذي فيه الغرر.

ولو سلمنا بوجود حاجة عامة للتأمين في الوقت الحاضر، فإن الحاجة إليه غير متعينة، إذ يمكن تحقيق الهدف منه بطريق التأمين التعاوني القائم على التبرع، وإلغاء الوسيط المستغل لحاجة الناس الذي يسعى إلى الربح، وهو شركة الضمان. فيكون التأمين عقد معاوضة مشتملاً على غرر كثير من غير حاجة، فيمنع في الإسلام.


(١) انظر الغرر وأثره في العقود للدكتور الصدّيق محمد الأمين الضرير: ص ٦٥٦، ٦٦١.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي: ص ٧٧، القاعدة الرابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>