للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي يوسف استحساناً، استدلالاً بعمومات البيع من غير تخصيص ولا يجوز تخصيص عموم الكتاب بخبر واحد، ولا غرر في العقار إذ يتوهم هلاك العقار، ولا يخاف تغيره غالباً بعد وقوع البيع، وقبل القبض، أي أن

تلف العقار غير محتمل فلا يتقرر الغرر (١). والخلاصة: أن العلة عند الحنفية في عدم جواز بيع الشيء قل قبضه هي الغرر.

وقال المالكية: لا يجوز بيع الطعام (٢) قبل القبض ربوياً كان أو غير ربوي، لحديث ابن عباس وابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه» (٣) وأما ما سوى ذلك أو بيع الطعام جزافاً فيجوز بيعه قبل قبضه لغلبة تغير الطعام، بخلاف ما سواه، وأخذاً بمفهوم الحديث السابق (٤).

والعلة في منع بيع الطعام قبل قبضه عند المالكية: هي أنه قد يتخذ البيع ذريعة للتوصل إلى ربا النسيئة، فهو شبيه ببيع الطعام بالطعام نساء، فيحرم سداً للذرائع.

وقال الحنابلة: لا يجوز بيع الطعام قبل قبضه إذا كان مكيلاً أو موزوناً أومعدوداً (أي المقدرات)، لسهولة قبض المكيل والموزون والمعدود عادة، فلا يتعذر عليه القبض، واستدلالاً بمفهوم حديث الطعام السابق، فإن تخصيصه


(١) المبسوط: ٨/ ١٣ وما بعدها، البدائع: ٢٣٤/ ٥، فتح القدير: ٢٦٤/ ٥، مختصر الطحاوي: ص ٨٤.
(٢) الطعام عندهم يشمل كل ما تجب فيه الزكاة من الحبوب والأدم بجميع أنواعها كالزيت والعسل ونحوها.
(٣) حديث ابن عباس رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وحديث ابن عمر رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة إلا الترمذي (انظر جامع الأصول: ٣٨٣/ ١، مجمع الزوائد: ٩٨/ ٤، نيل الأوطار: ١٥٨/ ٥).
(٤) بداية المجتهد: ١٤٢/ ٢ ومابعدها، المنتقى على الموطأ: ٢٧٩/ ٤، القوانين الفقهية: ص ٢٥٨، ط فاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>