للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الاستحسان: يجوز وهو الصحيح عند جمهور الحنفية؛ لأن هذا الشرط لو كان مخالفاً مقتضى العقد صورة، فهو موافق له معنى، لأن الرهن والكفالة شرعاً توثيق للثمن، فإن حق البائع يتأكد بالرهن والكفالة، فكان كل واحد منهما مقرراً لمقتضى العقد معنى، فأشبه اشتراط صفة الجودة للثمن.

ويلاحظ أن جواز البيع استحساناً حالة اشتراط الكفالة مقيد بما إذا كان الكفيل حاضراً في المجلس وقبل، أو كان غائباً ثم حضر في المجلس وقبل، فكان كما لو قبل عند العقد، لأن لمجلس العقد حكم العقد.

فأما إذا كان الكفيل غائباً، أو حاضراً ولم يقبل، أو قبل وهو غائب، لم تصح الكفالة؛ لأنه لم يحصل معنى التوثيق، فبقي الحكم على أصل القياس؛ لأن وجوب الثمن في ذمة الكفيل كان بسبب البيع، فيصير الكفيل بمنزلة المشتري إذا اشترطت الكفالة في البيع، ووجود المشتري في مجلس البيع شرط لصحة الإيجاب من البائع، فكذلك وجود الكفيل.

هذا بخلاف الرهن، فلا يشترط وجود المرهون في مجلس البيع؛ لأن تقديم الرهن يكون من المشتري، والمشتري حاضر وقد التزم الرهن، فالرهن صحيح.

وحينئذ إذا لم يسلِّم المشتري الرهن إلى البائع لا يثبت حكم الرهن؛ لأن ثبوت حكم الرهن متوقف على القبض؛ كما هو معروف في باب الرهن، فإن سلّم الرهن تم العقد.

وإن امتنع المشتري عن تسليم الرهن يجبر عند زفر؛ لأن الرهن إذا شرط في البيع، صار حقاً من حقوقه، والجبر على التسليم من حقوق عقد البيع، فيجبر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>