أحدهما بأولى من تصحيحه فيهما، لصحته في أحدهما؛ فبطل حمل أحدهما على الآخر، وبقيا على حكمهما، فصح فيما يجوز، وبطل فيما لا يجوز. والقول الثاني أن الصفقة لا تفرق، فيبطل العقد فيهما.
وقال الحنابلة: معنى تفريق الصفقة: أي تفريق ما اشتراه في عقد واحد: وهو أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح بيعه، صفقة واحدة بثمن واحد. ولهذا الجمع ثلاث صور:
إحداها ـ أن يبيع شخص معلوماً ومجهولاً تجهل قيمته أي يتعذر علمه، فلا مطمع في معرفته، مثل: بعتك هذه الفرس، وما في بطن هذه الفرس الأخرى بكذا، فلا يصح البيع فيهما؛ لأن المجهول لا يصح بيعه لجهالته، والمعلوم مجهول الثمن، ولا سبيل إلى معرفته؛ لأن معرفته إنما تكون بتقسيط الثمن عليهما، وحمل الفرس لا يمكن تقويمه، فيتعذر التقسيط.
الثانية ـ أن يبيع شخص مشاعاً بينه وبين غيره بغير إذن شريكه، فيصح البيع في نصيبه بقسطه، كما قال الشافعية في القسم الأول، وللمشتري الخيار بين الرد والإمساك إذا لم يكن عالماً بأن المبيع مشترك بينه وبين غيره؛ لأن الشركة عيب. فإن كان عالماً فلا خيار له ولا للبائع أيضاً. وللمشتري الأرش إن أمسك فيما ينقصه التفريق، كزوج خف.
الثالثة ـ أن يبيع رجل متاعه ومتاع غيره بغير إذنه صفقة واحدة، أو يبيع خلاً وخمراً صفقة واحدة، فيصح البيع في متاعه بقسطه دون متاع غيره، ويصح في الخل بقسطه من الثمن، فيوزع على قدر قيمة المبيعين ليعلم ما يخص كلاً منهما. ويقدر الخمر إذا بيع مع الخلّ خلاً، ليقسط الثمن عليهما، ولا خيار للبائع. وهذه الصور وما قبلها هي النوع الأول عند الشافعية.