للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفسخ: فإنه ينبغي أن يكون باللسان (١) دون القلب، فإن فسخ بلسانه بعلم صاحبه، فيصح بالاتفاق بين علماء الحنفية، سواء رضي به الطرف الآخر أو أبى. وإن فسخ بغيرعلم صاحبه فلا يصح عند أبي حنيفة ومحمد، سواء أكان الخيار للمشتري أم للبائع، ويكون الفسخ حينئذ موقوفاً: إن علم به صاحبه في مدة الخيار نفذ، وإن لم يعلم حتى مضت المدة لزم العقد؛ لأن الفسخ تصرف في حق الغير؛ لأن العقد تعلق به حق كل واحد من المتعاقدين، فلم يملك أحدهما فسخه بغير علم صاحبه، لما في ذلك من المضرة. فإن كان الخيار للبائع: فربما يتصرف المشتري بالمشترى اعتماداً منه على نفاذ البيع بسبب مضي المدة دون فسخ، فتلزمه غرامة القيمة بهلاك المبيع، وقد تكون القيمة أكثر من الثمن، وفي هذا ضرر.

وإذا كان الخيار للمشتري: فربما لا يطلب البائع لسلعته مشترياً آخر اعتماداً على تمام البيع، وهذا ضرر أيضاً.

وقال أبو يوسف: إن كان الخيار للبائع فلا يشترط علم المشتري بالفسخ، وإن كان الخيار للمشتري اشترط علم البائع بالفسخ. وفي رواية عنه: إنه لا يشترط علم الطرف الآخر بالفسخ مطلقاً؛ لأن الفاسخ منهما مسلط على الفسخ من صاحبه الذي لا خيار له، فلا يتوقف الفسخ على علمه، كبيع الوكيل يجوز مع عدم علم الموكل (٢).

ويجري هذا الخلاف في خيار الرؤية، أما خيار العيب فاتفق الحنفية على أن الفسخ فيه يشترط أن يكون بعلم البائع (٣).


(١) يلاحظ أن الإجازة والفسخ كما يكونان قوليين بكل لفظ يفيد ذلك كأجزت البيع ونحوه، يكونان فعليين أيضاً كما لو تصرف المشتري المخير في المبيع تصرفاً يعتمد الملكية كرهن المبيع أو إجارته أو عرضه للبيع فيكون إجازة. ولو فعل البائع ذلك كان فسخاً.
(٢) البدائع: ٢٧٣/ ٥، فتح القدير والعناية: ١٢٢/ ٥، رد المحتار: ٥٧/ ٤.
(٣) البدائع، المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>