للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: «من غشنا فليس منا» (١).

وقال الكاساني: الأصل في مشروعية هذا الخيار ما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «من اشترى شاة محفَّلة (٢)، فوجدها مصراة (٣)، فهو بخير النظرين ثلاثة أيام» وفي رواية «فهو بأحد النظرين إلى ثلاثة: إن شاء أمسك، وإن شاء رد، ورد معها صاعاً من تمر» (٤)، والنظران المذكوران: هما نظر الإمساك والرد، وذكر الثلاث في الحديث ليس للتوقيت، بل هو بناء الأمر على الغالب المعتاد، والصاع من التمر كأنه قيمة اللبن الذي حلبه المشتري.

ويلاحظ أن جمهور الفقهاء يعتبرون تصرية الإبل والغنم تغريراً فعلياً في الوصف، يوجب للمغرور خياراً في إبطال العقد، ولو لم يصحبه غبن فهو من خيار الوصف (٥).

ويثبتون للمشتري الخيار بين إمساك المبيع إن رضيه، أو رد المبيع مع صاع من


(١) نيل الأوطار: ٢١١/ ٥ وما بعدها، وقد روى الحديث مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد عن أبي هريرة، وفي رواية أبي داود «ليس منا من غش» (انظر جامع الأصول: ٤١٩/ ١ وما بعدها، مجمع الزوائد: ٧٨/ ٤، نيل الأوطار: ٢١٢/ ٥).
(٢) أي مجمع اللبن في ضرعها.
(٣) قال الشافعي: التصرية: هي ربط أخلاف (حلمات) الشاة أو الناقة، وترك حلبها حتى يجمع لبنها، فيكثر، فيظن المشتري أن ذلك عادتها، فيزيد في ثمنها لما يرى من كثرة لبنها.
(٤) انظر للمقارنة نيل الأوطار: ٢١٤/ ٥، جامع الأصول: ٤٢٠/ ١ وما بعدها، مجمع الزوائد: ١٠٨/ ٤، الموطأ: ١٧٠/ ٢ ففي هذا الحديث عدة روايات رواها البخاري ومسلم وأحمد والموطأ وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة، وهذه الرواية المذكورة كما يظهر لي هي ملفقة من أكثر من رواية.
(٥) انظر ابن عابدين: /٤ ٤٧، والمدخل الفقهي العام للأستاذ مصطفى الزرقاء: جـ١ ص ٣٧٤، الطبعة السابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>