للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم» (١) ولا شك أن المسح بالنسبة إلى الغسل نقص، ولقوله عليه الصلاة والسلام للأعرابي: «توضأ كما أمرك الله» (٢) ثم ذكر له صفة الوضوء، ولإجماع الصحابة على الغسل، فكانت هذه الأمور موجبة لحمل قراءة (وأرجلِكم) بالكسر على حالة نادرة مخالفة للظاهر، لا يجوز حمل المتنازع فيه عليها. وعطفها على (برؤوسكم) بالجر للمجاورة. وأما قراءة النصب فهي عطف على اليدين في الغسل.

ثم إن أمر النبي صلّى الله عليه وسلم بتخليل أصابع اليدين والرجلين يدل على وجوب الغسل (٣).

وأوجب الشيعة الإمامية (٤) مسح الرجلين، لما أخرج أبو داود من حديث أوس بن أبي أوس الثقفي: «أنه رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتى كِظَامة (٥) قوم بالطائف، فتوضأ، ومسح على نعليه وقدميه» (٦)، وعملاً بقراءة الجر «وأرجلكم» وبما روي عن علي وابن عباس وأنس، لكن قد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك. قال الشوكاني: وأما الموجبون للمسح، وهم الإمامية، فلم يأتوا مع مخالفتهم الكتاب


(١) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة من طرق صحيحة، وصححه ابن خزيمة (نيل الأوطار: ١/ ١٤٦،١٥٢، ١٦٨،١٧٣).
(٢) رواه أحمد وأبو داود والدارقطني عن أنس بن مالك، ورواه أحمد ومسلم عن عمر بن الخطاب (نيل الأوطار: ١/ ١٧٠،١٧٥).
(٣) روى أحمد وابن ماجه والترمذي عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك» (نيل الأوطار: ١/ ١٥٣).
(٤) المختصر النافع في فقه الإمامية: ص ٣٠.
(٥) الكظامة: القناة، أو فم الوادي.
(٦) حديث معلول بجهالة بعض رواته، وعلى تقدير ثبوته ذهب بعضهم إلى نسخه، قال هيثم: كان هذا في أول الإسلام: (نيل الأوطار: ١/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>